186

Qasarka Damaca

قصر الشوق

Noocyada

وتبادلا نظرة ذات دلالة. وسرعان ما بدا الارتباك في وجه أحمد، والإشفاق في وجه صاحبه، ثم لم تعد مسألة الزواج ذاتها بالأولى في الأهمية، فتساءل السيد أحمد بلهجة لاهثة: ترى هل تعلم زنوبة بأنه ابني؟ - لا يداخلني في هذا شك، غير أني أكاد أوقن بأنها لم تطلعه على سرك لتتمكن من إيقاعه في الشرك، وقد نجحت نجاحا تستحق عليه كل تهنئة.

ولكن أحمد عبد الجواد عاد يتساءل بنفس اللهجة اللاهثة: أم تراه أخفى عني الأمر لعلمه بما كان؟ - كلا، لا أصدق هذا، لو سبق هذا إلى علمه ما أقدم على الزواج منها، إنه شاب طائش ما في ذلك من ريب، ولكنه ليس نذلا. وإذا كان قد أخفى عنك الأمر، فما ذلك إلا لأنه لم يجد الشجاعة ليصارحك بأنه تزوج من عوادة! يا ويل الآباء من الأبناء الطائشين! الحق أنني تألمت كثيرا، ولكني أكرر الرجاء بألا تستسلم للغضب، ذنبه على جنبه، وأنت بريء من فعلته، ولا لوم عليك.

تنهد أحمد عبد الجواد بصوت مسموع، ثم سأل صاحبه: خبرني كيف علق غنيم حميدو على الخبر؟

فلوح محمد عفت بيده مستهينا، وقال: سألني: كيف يرضى السيد أحمد عن هذا؟ فقلت له: إن الرجل لا يعلم شيئا. فتأسف، وقال لي: انظر إلى المدى البعيد بين الأب وابنه! كان الله في عونه.

قال أحمد بلهجة راثية: أهذه عاقبة تربيتي لهم؟ إني في حيرة شديدة يا سيد محمد، المصيبة أننا نفتقد السيطرة الفعلية عليهم في الوقت الذي تستوجب مصلحتهم الحقيقية سيطرتنا، إنهم بحكم العمر يتحملون مسئولية أنفسهم، ولكنهم يسيئون استعمالها دون أن نستطيع تقويم ما يعوج منهم، نحن رجال ولكننا لم نلد رجالا، من أين جاء العيب يا ترى؟ هذا الثور! امرأة في متناول كل يد، فماذا دعاه إلى الزواج منها؟ فلنبك على أنفسنا، لا حول ولا قوة إلا بالله.

وضع محمد عفت يده على منكب صاحبه بحنو، وقال: لقد أدينا ما علينا من واجب، الأمر بعد ذلك لصاحب الأمر، وهيهات أن يراك أحد مستحقا للوم.

عند ذاك جاء صوت الحمزاوي الأسيف وهو يقول: لا يستطيع منصف أن يلومك على أمر كهذا يا سي السيد، على أنه يخيل إلي أن الأمل في الإصلاح لم ينعدم، انصحه يا سي السيد. - إنه يبدو بين يديك طفلا مطيعا، وهو سيطلقها حتما غدا أو بعد غد، فخير البر عاجله.

فتساءل السيد متشكيا: وإن كانت قد حبلت؟

فجاء صوت الحمزاوي وهو يقول جزعا: لا قدر الله ولا سمح.

وبدا أن عند محمد عفت مزيدا من القول، فنظر إلى صاحبه بإشفاق، ثم قال: ومن المؤسف حقا أنه باع دكانه بالحمزاوي ليؤثث بيته من جديد!

Bog aan la aqoon