جعلوا لها أوقاتا معلومة يفوت عيدهم بفواتها، ويرون من أعظم الخسارات أن يفوت الرجل ذلك العيد المعلوم، وآل بهم الأمر إلى أن صنفوا في أحكام حجهم إليها كتبا سموها مناسك حج المشاهد، ومن أخل بشيء منها فهو عندهم أعظم جرمًا ممن أخلَّ بشيء من مناسك الحجّ إلى بيت الله الحرام، وجعلوا لها طوافا معلوما، كالطواف بالبيت الحرام، وشرعوا تقبيلها كما يقبل الحجر الأسود حتى قالوا: إن زحمت فاستلم بمحجن أن أو أشر إليه، قياسا على فعل النبي ﷺ بالحجر الأسود، وشرعوا لها نذروا من المواشي والنقود، ووقفوا عليها الوقوف من العقارات والحرث وغيرها، وغير ذلك من شرائعهم الشيطانية، وقواعدهم الوثنية"١.
وكما حرص رسول الله ﷺ على بيان الطريق المشروع فيما يتعلق بالقبور، وحذر من مخالفته واهتم بذلك أعظم اهتمام، كذلك كان ﵊ في أمر التبرك وارتباطه بالقبور واضح جلي، إذ هو هدف كثير ممن يقصد القبور والمشاهد ويتمسح بها ويتحرى الصلاة عندها.
روى أبو واقد الليثي ﵁ قال: "خرجنا مع رسول الله ﷺ قِبَل حنين، ونحن حديثوا عهد بكفر، وللمشركين سدرة يعكفون حولها وينوطون بها أسلحتهم، يقال لها – ذات أنواط – فمررنا بسدرة فقلنا: يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، فقال النبي ﷺ: "الله أكبر، إنها
١ حافظ حكمي – معارج القبول ١/٤٧٥-٤٧٦.