والرد على من قال: إنها قبل الفعل ... قال المؤلف: الاستطاعة في اللغة: هي القدرة على الشيء. وقد تسمى بها أشياء، تئول إلى القدرة. قال الله تعالى: { فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا } يعني الصوم. من لم يقدر عليه أطعم وزال عنه فرض الصوم لزوال اسم الاستطاعة عنه. وهي الصحة. ووجود المال، يوجب الإطعام. وقال عز وجل: { ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا } .
... فالاستطاعة: اسم لمعان. والأصل فيها القدرة. والقدرة في الإنسان: هي عرض في الجسم. وليست القدرة جسما في الجسم. والعرض لا يقوم بنفسه، ولا يثبت وقتين. والقدرة: لا خلاف أنها صفة وعرض، لا تقوم بنفسها. ولا تثبت وقتين.
... وحقيقة الكسب: كل فعل باستطاعة، محدثة مع الفعل للفعل، بتوفيق الله.
... وأما من فعل بقدرة قديمة، فهو غير مكتسب. فالاستطاعة من العبد للفعل، مع الفعل، لا قبل ذلك، ولا بعد، كما أن العل في حال الفعل، لا قبل ذلك ولا بعد. واستطاعة العبد للمعصية، هي من الله: خلق، ومن الشيطان -لعنه الله-: أمر ومن العبد: عمل. فالشيطان يزين المعصية، والعبد عامل بالمعصية. والرب تعالى خالق لجميع أعمال الجن والإنس.
... والدليل على أن الاستطاعة مع الفعل: أنا قد نرى الجارحة التي احتجت بها
المعتزلة: أن الاستطاعة قبل الفعل. ولا نرى الفعل عجزا من الجارحة، والجارحة بحالها. فدل أن من لم يخلق الله له استطاعة، لم يقدر أن يكتسب شيئا.
Bogga 69