الدليل على ذلك: أن علمه أو ساق العباد إلى ما عملوا، ما استحق المطيع ثوابا، إذ هو مجبور، ولا العاصي عقابا، إذ هو مجبور، إذ المجبور لا يستحق على ما جبر شيئا. ولم يكلف الله العباد، ويعاقبهم ويثيبهم، أنه عاملهم بذلك، على ما علم إنما عاملهم بذلك، على الأمر والنهي. وأثابهم وعاقبهم، على الأمر والنهي الاختياري، لم يعاملهم، على العلم. ولو عاملهم على العلم، لعذبهم، قبل أن يعملوا، لعلمه أنه لو بسط الرزق عليهم، لبقوا في الأرض كما قال في سورة حمعسق. وتسمى سورة الشورى. ولعذبهم على هذا البغي، الذي علمه منهم، قبل أن يعملوا تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. وبالله التوفيق.
الباب الحادي والثمانون
في التوفيق والخذلان
قيل: إن التوفيق هو القدرة على الطاعة.
قال المؤلف: إن الخذلان: هو القدرة على المعصية، في آثار قومنا.
وقيل: إن التوفيق والخذلان، يكون عند اختيار المكلف. فإن اختار الإيمان، فيحسن اختياره آمن. ففي الحال عند حسن اختياره، يوفق، لا قبل ذلك، ولا بعد وبسوء اختيار العبد للكفر، ففي الحال يخذل عند كفره بسوء اختياره، لا قبل ذلك، ولا بعد. وبالله التوفيق.
الباب الثاني والثمانون
في العلم والقدرة والإيرادة والمشيئة أزلي ذلك؟ أم محدث؟
قال المؤلف: العلم والقدرة والإرادة والمشيئة كل ذلك ليس شيء منه بمخلوق بل ذاتي قديم، لم يزل الله بجميع صفاته الذاتية، وأسمائه الذاتية، من غير أن يقال: إن عنده شيئا خالدا كخلوده، باق عنده كبقائه، أوليا كأوليته. وإنما البارئ لم يزل، بجميع صفاته الذاتية، وأسمائه الذاتية.
Bogga 66