وكذلك يطالبون بأن يثبتوا أقنوما خامسا، وهو سمع للبارئ، وأقنوما سادسا، وهو بصر له، وسابعا، وهو عزة له، وثامنا، وهو عظمة.
وفي صفات الذات، يطالبون بأن يجعلوها أقانيم، فإن أثبتوا السمع والبصر علما، عورضوا بمثل ما عارضناهم آنفا، من أن يجعلوا الحياة علما، ويقال لهم: إذا كانت الأقانيم جوهرا واحدا، وكان الأب جوهرة جوهر الابن، فلم كان أحد الجوهرين الخاصين، بأن يكون أبا أولى منه، من أن يكون أبنا، إذا كان
جوهرا لنفسه، وكان جوهره جوهر صاحبه، ولم يكن أحدهما سابقا للآخر، ولا أقدم ذاتا منه.
وإذا كان العلم من جوهر الحياة، فما جعله بأن يكون ابنا للبارئ، أولى من الحياة، وإذا كان كل واحد من الجواهر من جوهر صاحبه، فما أنكرتم من أن يكون موافقا له، وأن يكون أحدهما علما والآخر كذلك.
وإذا كان أحدهما قدرة، والآخر قدرة، إذا كان جوهرهما واحدا، وكان أحدهما علما لنفسه، والآخر قدرة لنفسها، ويقال لهم: لم قلتم القديم قادر وعالم.
فإن قالوا: لأن من لم يكن عالما قادرا، كان منقوصا جاهلا.
قيل لهم: فما أنكرتم من أن يكون الابن عالما قادرا، وكذلك الحياة مثل اعتلالكم، والأوجب للابن والحياة الجهل والنقص.
فإن أثبتوا الابن عالما قادرا، وكذلك الحياة.
قيل لهم: لم قلتم الأب فاعل، دون أن تثبتوا الابن فاعلة، فلا يجدون بدا مما طالبناهم به.
ويقال لهم: إذا قلتم: إن الأب والابن فاعل والقدرة فاعلة، فهم على وصفكم ثلاثة فاعلين ، وهل يخلو فعل كل واحد منهم، أن يكون هو فعل صاحبه وغير فعله.
فإن أثبتوا فعل كل واحد منهما، غير فعل صاحبه.
قيل لهم: فما يؤمنكم أن تكون الجسام كلها من فعل الابن، دون الأب أو من فعل القدرة، دون الأقنومين الآخرين.
ويقال لهم: هل يقدر الابن، إذا فعل الأب شيئا يمنعه، حتى لا يقع؟
وإذا أراد ابن مرادا أن يفعل الأب خلافه، حتى لا يتم مراد الابن أم لا؟
فإن قالوا: لا أثبتوا ضعفه.
Bogga 32