ويجوز أن يقال:فوق عباده، بالعلم والقدرة ويراد به، أنه أعلم منهم، وأقدر، كما قال: { وفوق كل ذي علم عليم } وهو يعني نفسه. وهو أيضا على جهة التوسع والمجاز.
مسألة:
قلت: وهل يجوز أن يقول الإنسان: إن الله حكيم في علمه، أو حكيم في حكمه، أو لطيف في قدرته، أم لا؟ فإن هذا شبيه صفة الشيء في الشيء، فلا يجوز ذلك. وبالله التوفيق.
************
الباب الخامس والثمانون والمائتان
فيما يجوز من الصفات وما لا يجوز
لا يوصف الله تعالى، بأنه موقن؛ لأن اليقين هو العلم، الذي يستدركه العالم، بعد الشك والارتياب، وبعد أن لم يعلم، فيكون قد أيقن، بعد أن كان فيه شاكا. فلما لم يجز أن يكون الله يعلم من بعد شك، لم يجز أن يقال: إنه موقن.
ولا يقال إنه مستبصر؛ لأن المستبصر في الشيء، هو من استبصر فيه، بعد شك. فلما لم يجز الشك على الله، لم يجز أن يقال: مستبصر.
ولا يقال: إنه متحقق، لأنه في معنى مستبصر وموقن. وهذا لا يوصف به أحد منا، في الشاهد، إلا بعد أن كان شاكا فيما تحققه، واستبصر فيه.
وكذلك لا يوصف، بأنه يشعر بالأشياء، ويفطن، لأن من يشعر ويفطن بالأشياء، هو الذي لم يكن علمها، قبل ذلك. والله تعالى لم يزل عالما بالأشياء. فلا تجوز عليه هذه الصفة.
ولا يوصف بأنه يحس بالأشياء، لأن الإحساس بالأشياء، إنما هو أول ما يدرك من العلم بها. فلما لم يجز على الله، استدراك العلم شيئا بعد شيء ، إذ كان لم يزل عالما، لم يجز عليه تعالى هذا الوصف.
Bogga 215