وكذلك الوزن والزنة، والوجه والجهة. فجائز أن يقال لله تعالى: قديم أزلي؛ لأن القديم المتقدم للأشياء. والأزلي الذي لم يزل قبل الأشياء. وبالله التوفيق.
الباب الثاني والمائتان
في السميع
السميع البصير: من صفات الذات. يقال: لم يزل سميعا، ولم يزل بصيرا. والدليل على أنه سميع: أنه لو لم يكن سمعيا، لكان مأووفا والآفة: هي التي تنفي الألوهية عن البارئ- عز وجل.
وقيل له تعالى: سميع؛ لأنه عليم. وسمعه: علمه وعلمه: ذاته. ولو لم يكن يوصف بأنه سميع بصير، وصف بضد ذلك. ولا يجوز أن يقال: لم يزل سامعا، ولا لم يزل مبصرا.
فالبارئ سميع، لا يخفى عليه شيء من الأصوات. وليس سميع يتعدى إلى مفعول. وإنما يتعدى إلى مفعول سامع. وبالله التوفيق.
الباب الثالث والمائتان
في البصير
قيل له تعالى: سميع بصير، بمعنى العليم؛ لأن السميع والبصير، الذي وصف به البارئ: هو العلم، لا أنه سميع بأصمخة، ولا بصير بحدقة- تعالى الله عن ذلك. إنما ذلك كله العلم. فلذلك قيل له: لم يزل سميعا، ولم يزل بصيرا.
وقيل: البصير: صفة ذات، لم يزل الله بصيرا، كما وصف نفسه: { إنه هو السميع البصير } .
فمعنى البصير: لا تخفى عليه المبصرات والمرئيات. ولا تغيب عنه المقدورات، ولا تفوته. ولا يجوز أن يقال: لم يزل مبصرا، لأنه لا بد أن يكون معدى إلى المبصر. فلما لم يجز أن يكون المبصر إلا وهو موجود، لم يجز أن يوصف الله تعالى بأنه مبصر له، لأنه لا يكون مبصرا إلا وهو موجود.
مسألة:
والوصف لله تعالى، بأنه لم يزل رائيا، يتصرف على وجهين:
أحدهما أن يوصف الله بذلك. ويعني أنه عالم. فجائز أن يقال: لم يزل رائيا، على أنه لم يزل عالما، إذا كانت الرؤية في اللغة علما.
Bogga 164