163

Nuur

النور لعثمان الأصم

Noocyada

فإن قال: أفليس لا تثبتون ترك الله الانتقام فعلا منه، إذ كان له الترك من الله ليس بمعنى عندكم، لا يترك على الحقيقة. فما الحكم الذي تسمونه فعلا لله على الحقيقة، إن لم يكن ذلك منه ترك الانتقام؟

قيل له: حلم الله عن العصاة، هو ما يفعله بهم، من النعيم والعافية، التي يضاد كونها كون الانتقام، لأنه تعالى لو انتقم، لم يجز أن ينعم عليهم، مع الانتقام بهذه النعم. فلما كانت هذه النعم منتفية الانتقام، كما كان ترك الانتقام منافيا للانتقام، كانت هذه النعم حلما من الله، إذ حدث منه، بدلا من الانتقام. وبالله التوفيق.

الباب الحادي والمائتان

في القديم

من صفاته - عز وجل-:أنه قديم بنفسه، وجب له هذا الوصف لتقدمه. وكل متقدم من الأشياء، فواجب له هذا الاسم، إذا بولغ له بالوصف بالتقديم، غير أن سائر الأشياء، إذا سميت بهذا الاسم فإنما يعني به أنه قديم إلى نهاية وغاية وأول والله تعالى قديم، لا إلى أول، ولا إلى غاية.

فمن ذلك قوله تعالى: { حتى عاد كالعرجون القديم } معنى أنه المتقدم والعرجون له أول، وغاية ونهاية، ينتهي إليها. وقال تعالى: { فسيقولون هذا إفك قديم } ومنه قول أهل اللغة: هذا بناء قديم وملك فلان لهذه الدار، ملك قديم، يريدون قدم البناء، وقدم الملك. وكل ذلك له بداية ونهاية. وقولنا لله: قديم، هو صفة لذاته. وليس نثبت معه معنى يسمى قديما. ولسنا نقول: إن القديم صفة؛ لأن القديم هو الموصوف.

وإنما قولنا: هو قديم صفة، وجبت له لذاته. وهو كقولنا: الله قديم. والله عالم. والله قادر.

ومعنى قولنا: صفات الفعل. إنما أردنا به الصفات التي وجبت لله لأفعاله، نحو قولنا : خالق وخلاق ومنعم. والصفة والوصف شيء واحد. وهو قول الواصف لما يصفه. وليس بين أهل اللغة في ذلك اختلاف، لأنهم جميعا يجيزون أن الوعد والعدة شيء واحد عندهم، وأن الوصف والصفة شيء واحد.

Bogga 163