بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة التحقيق
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام عَلَى سيدنا مُحَمَّد وَعَلَى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد:
فإنّ علم الحَدِيث دراية ورِوَايَة من أشرف العلوم وأجلها، بل هُوَ أجلها عَلَى الإطلاق بعد العلم بالقرآن الكريم الذي هُوَ أصل الدِّين ومنبع الطَّرِيق المستقيم، فالحديث هُوَ المصدر الثاني للتشريع الإسلامي بعضه يستقل بالتشريع، وكثيرٌ منه شارح لكتاب الله تَعَالَى مبين لَهُ قَالَ تَعَالَى: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾ (١).
وعلم الحَدِيث تتفرع تحتهُ علوم كثيرة، ومن تِلْكَ العلوم: علم مصطلح الحَدِيث: وَهُوَ العلم الذي يكشف عَنْ مصطلحات المحدّثين التي يتداولونها فِي مصنفاتهم ودروسهم. وَكَانَ من أحسن تِلْكَ الكتُب كِتابُ الحافظ أبي عَمْرو عُثْمَان ابن عبد الرَّحْمَانِ الشهرزوري (ت ٦٤٣ هـ) المسمى "مَعْرِفَة أنواع علم الحَدِيث" (٢)، قَالَ الحافظ ابن حَجَر: «هذب فنونه وأملاه شيئًا بعد شئ، فلهذا لَمْ يحصل ترتيبه عَلَى الوضع المتناسب، واعتنى بتصانيف الخَطِيب المتفرقة فجمع شتات مقاصدها وضم إليها من غيرها نخب فوائدها، فاجتمع فِي كتابه مَا تفرق فِي غيره، فلهذا عكف النَّاس عَلَيْهِ، وساروا بسيره، فلا يحصى كم ناظم لَهُ
_________
(١) النحل: ٤٤.
(٢) طبع بتحقيقنا عَنْ دار الكتب العلمية بيروت ٢٠٠٢.
1 / 5