ـ[النكت الوفية بما في شرح الألفية]ـ
المؤلف: برهان الدين إبراهيم بن عمر البقاعي
المحقق: ماهر ياسين الفحل
الناشر: مكتبة الرشد ناشرون
الطبعة: الأولى، ١٤٢٨ هـ / ٢٠٠٧ م
عدد الأجزاء ٢
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع، ومذيل بالحواشي]
_________
أعده للمكتبة الشاملة: أسامة بن الزهراء، فريق عمل الشاملة
Bog aan la aqoon
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة التحقيق
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام عَلَى سيدنا مُحَمَّد وَعَلَى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد:
فإنّ علم الحَدِيث دراية ورِوَايَة من أشرف العلوم وأجلها، بل هُوَ أجلها عَلَى الإطلاق بعد العلم بالقرآن الكريم الذي هُوَ أصل الدِّين ومنبع الطَّرِيق المستقيم، فالحديث هُوَ المصدر الثاني للتشريع الإسلامي بعضه يستقل بالتشريع، وكثيرٌ منه شارح لكتاب الله تَعَالَى مبين لَهُ قَالَ تَعَالَى: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾ (١).
وعلم الحَدِيث تتفرع تحتهُ علوم كثيرة، ومن تِلْكَ العلوم: علم مصطلح الحَدِيث: وَهُوَ العلم الذي يكشف عَنْ مصطلحات المحدّثين التي يتداولونها فِي مصنفاتهم ودروسهم. وَكَانَ من أحسن تِلْكَ الكتُب كِتابُ الحافظ أبي عَمْرو عُثْمَان ابن عبد الرَّحْمَانِ الشهرزوري (ت ٦٤٣ هـ) المسمى "مَعْرِفَة أنواع علم الحَدِيث" (٢)، قَالَ الحافظ ابن حَجَر: «هذب فنونه وأملاه شيئًا بعد شئ، فلهذا لَمْ يحصل ترتيبه عَلَى الوضع المتناسب، واعتنى بتصانيف الخَطِيب المتفرقة فجمع شتات مقاصدها وضم إليها من غيرها نخب فوائدها، فاجتمع فِي كتابه مَا تفرق فِي غيره، فلهذا عكف النَّاس عَلَيْهِ، وساروا بسيره، فلا يحصى كم ناظم لَهُ
_________
(١) النحل: ٤٤.
(٢) طبع بتحقيقنا عَنْ دار الكتب العلمية بيروت ٢٠٠٢.
1 / 5
ومُخْتَصَر ومستدرك عَلَيْهِ ومقتصر ومعارض لَهُ ومنتصر» (١).
وكَانَ من أحسن تِلْكَ الكتب التي اعتنت بكتاب ابن الصلاح كِتَابُ الحافظ العراقي " شرح التبصرة والتذكرة " (٢)، إذ نظم الحافظ العراقي كِتَاب ابن الصلاح بألفية من الشعر سماها: " التبصرة والتذكرة " ثُمَّ شَرح الألفية بكتابه: " شَرْح التبصرة والتذكرة ". ومنذ ظهور ذَلِكَ الكتاب النفيس اهتم العلماء بهذَا النظم والشرح.
ومن أولئك الذين اعتنوا "بشرح التبصرة والتذكرة " الحافظ ابن حَجَر العسقلاني، وهذا الكتاب الذي بَيْنَ يديك، إنما هُوَ من نتاج ابن حَجَر، جمعه ورتبه تلميذه النجيب البقاعي وأضاف عَلَيْهِ؛ حَتَّى خرج بِهَذه الحلة الطيبة المباركة.
إذ صرح البقاعي نفسه فِي أول مقدمته فَقَالَ: «قيدت فِيهَا مَا استفدته من تحقيق تلميذه، شيخنا شيخ الإسلام حافظ العصر أبي الفضل شِهَابِ الدِّين أحمد بن عَلَيِّ بن حَجَر الكناني العسقلاني، ثُمَّ المصري الشَّافِعِيّ قاضي القضاة بالديار المصرية أيام سماعي لبحثها عَلَيْهِ، بارك الله فِي حياته وأدام عموم النفع ببركاته سميتها "النكت الوفية بما فِي شَرْح الألفية"، واعلم أن مَا كَانَ فيها من بحثي صدرته فِي الغالب بقلت، وختمته بقولي: والله أعلم ...» (٣). ومن يطالع الكتاب لأول وهلة يجد أن مَا لَمْ يصدره بـ: «قُلْتُ» أكثر بكثير مِمَّا صدره بـ «قلت». مِمَّا يدلنا عَلَى أن غالب الكتاب منقول عَنْ لسان الحافظ ابن حَجَر زيادة عَلَى النصوص الكثيرة التي صرح فِيهَا بالنقل عَنْهُ.
ولأهمية هَذَا الكتاب ونفاسته ومعرفتي بقيمته العلمية من خلال تحقيقينا
_________
(١) نزهة النَّظَرِ: ٤٦ - ٥١ تحقيق علي الحلبي.
(٢) طبع بتحقيقنا عَنْ دار الكتب العلمية ٢٠٠٢.
(٣) ويظهر لمن يطالع الكتاب أن ما صدره بـ (قلت)، وختمه بـ (الله أعلم) لا يمثل عُشر الكتاب.
1 / 6
" لشرح التبصرة والتذكرة " أردت إخراج هَذَا الكتاب من حيز المخطوط إِلىَ عالم المطبوعات، وقد منّ الله عَلَيَّ بأن وقفت عَلَى أربع نسخ خطيّة من الكتاب. إحداهما نسخة نفيسة مقروءة عَلَى المؤلف، وعليها خطه فِي مواضع كثيرة من حواشي المخطوط، وقد كتبها الشيخ العالم شِهَاب الدِّين أحمد بن مُحَمَّد بن عُمَرَ الحمصي سنة (٨٨٠هـ) وبعد: فهذا كِتَابُ: " النكت الوفية بما فِي شَرْح الألفية " للبقاعي، أقدمه لمحبي المصطفى ﷺ السائرين عَلَى هديه الراجين شفاعته يَوْم القيامة، قد خدمته الخدمة التي توازي تعلقي بسنة سيدنا المصطفى ﷺ، وبذلت فِيهِ مَا وسعني من جهد ومال ووقت، ولم أبخل عَلَيْهِ بشيء من الوقت، وَكَانَ الوقت الذي قضيته فِيهِ كله مباركًا.
وكتب
ماهر بن ياسين بن فحل الدكتور
شيخ دار الحديث في العراق
٢٦/ شعبان /١٤٢٥
1 / 7
البقاعي وكتابه النكت
اسمه ونسبه (١):
هُوَ إبراهيم بن عُمَرَ بن حَسَن الرباط بن أبي بَكْر البقاعيُّ الشَّافِعِيُّ، برهان الدِّين أبو الحَسَن.
ولادته (٢):
ولد إبراهيم بن عُمَرَ بن الحسن البقاعي سنة (٨٠٩ هـ) فِي قرية «خربة روحا» من عمل البقاع (٣) في سوريا.
وقد ذكر البقاعي ولادته بقوله: «فِي ليلة الأحد تاسع شعبان سنة إحدى وعشرين وثمان مئة أوقع ناس من قريتنا (خربة روحا) من البقاع يقال لَهُم: بنو مزاحم بأقاربي بني الحسن من القرية المذكورة فقتلوا تسعة أنفس ... وضُربتُ أنا بالسيف ثلاث ضربات، إحداها فِي رأسي فجرحتني وكنت إذ ذاك ابن اثنتي عشرة سنة» (٤).
_________
(١) انظر: الضوء اللامع لأهل القرن التاسع للسخاوي ١/ ١٠١، ووجيز الكلام فِي الذيل عَلَى دول الإسلام للسخاوي ٣/ ٩٠٩، ونظم العقيان فِي أعيان الأعيان لجلال الدِّين السيوطي: ٢٤، وشذرات الذهب فِي أخبار من ذهب لابن عماد الحنبلي ٧/ ٣٣٩، والبدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع لمحمد بن علي الشوكاني ١/ ١٩، وتاريخ آداب اللغة العربية لجرجي زيدان ٣/ ١٦٨، والأعلام للزركلي ١/ ٥٦.
وانظر: مقدمة كتاب الإعلام بسن الهجرة إلى الشام للبقاعي: ٥٥.
(٢) انظر: الضوء اللامع ١/ ١٠١، ونظم العقيان فِي أعيان الأعيان: ٢٤، وشذرات الذهب ٧/ ٣٣٩، والبدر الطالع ١/ ١٩، وتاريخ آداب اللغة العربية ٣/ ١٦٨، والأعلام ١/ ٥٦.
(٣) البقاع: جمع بقعة موضع يقال لَهَا: بقاع كلب، قريب من دمشق، وهو أرض واسعة بين بعلبك وحمص ودمشق، فِيهَا قرى كثيرة ومياه غزيرة نميرة. انظر: مراصد الاطلاع ١/ ٢١١.
(٤) انظر: شذرات الذهب ٧/ ٣٣٩ - ٣٤٠.
1 / 9
فبناءً عَلَى هَذَا الكلام تكون سنة ولادته (٨٠٩ هـ).
طلبه للعلم (١):
بدأ البقاعي طلبه للعلم بعد بلوغه الثانية عشرة من عمره وَكَانَ أول طلبه للعلم فِي دمشق بعد أن غادر قريته بقاع.
وهاهو البقاعي يحدثنا عَنْ طلبه للعلم بقوله: «فخرجنا من القرية المذكورة ... - خربة روحا - واستمرينا نتنقل فِي قرى وادي التيم والعرقوب وغيرهما إِلىَ أن أراد الله تَعَالَى بإقبال السعادتين الدنيوية والأخروية فنقلني جدي إِلىَ دمشق» (٢).
فقد درس القراءات عَلَى بَعْض المشايخ، ثُمَّ درسها عَلَى يد الشيخ الشمس الجزري لما قدم إِلىَ دمشق سنة (٨٢٧ هـ) وقد أخذ الحَدِيث عَن الحافظ ابن حَجَر، ودرس الفقه عَلَى يد الشيخ التقي بن قاضي شهبة.
وقد استمر البقاعي فِي طلب العلم، فقد لازم القاياني والونائي وأخذ العلم عن سائر شيوخ عصره، حَتَّى مهر وبرع فِي العلم والفنون.
ودأب البقاعي فِي طلبه الحَدِيث، ورحل من أجل ذَلِكَ. فقد سمع من البرهان الحلبي والبرهان الواسطي، والتدمري، والمجد البرماوي، والبدر البوصري، وخلق يجمعهم معجمه الذي سماه " عنوان الزمان بتراجم الشيوخ الأقران ".
شيوخه:
أخذ البقاعي العلم عَلَى يد عدد من الشيوخ، نذكرهم عَلَى سبيل الذكر لاَ الحصر مرتبين حسب وفياتهم، ولم أتوسع فِي الكلام عنهم إلاَّ شيخه ابن حَجَر:
_________
(١) انظر: الضوء اللامع ١/ ١٠٢، ونظم العقيان فِي أعيان الأعيان: ٢٤، وشذرات الذهب ٧/ ٣٤٠، والبدر الطالع ١/ ١٩ - ٢٠.
(٢) انظر: شذرات الذهب ٧/ ٣٤٠.
1 / 10
أولًا: شمس الدِّين أبو الخير مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَلَيّ بن يُوسُف المعروف بابن الجزري الشَّافِعِيّ. (١) مقرئ المماليك الإسلامية، ولد بدمشق وتفقه بها ولهج بطلب الحديث والقراءات وبرز فيها، وعمر للقراء مدرسة سماها دار القرآن، وأقرأ الناس وعين لقضاء الشام مرة ولم يتم ذلك لعارض، توفي بشيراز فِي ربيع الأول سنة ثلاث وثلاثين وثمان مئة، ودفن بمدرسته التي بناها.
ثانيًا: تاج الدِّين مُحَمَّد بن ناصر الدِّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُسْلِم ابن عَلَيِّ بن أبي الجود الغرابيلي. قال ابن حجر: ولد سنة ست وتسعين بالقاهرة، حيث كان جده لأمه حاكمًا ونقله أبوه إلى الكرك عمل أمرتها، ثم تحول به إلى القدس سنة سبع عشرة، فاشتغل وحفظ عدة مختصرات كالكافية لابن الحاجب والمختصر الأصلي، وغيرها، توفي بالقاهرة فِي جمادي الآخرة سنة خمس وثلاثين وثمان مئة (٢).
ثالثًا: شمس الدِّين مُحَمَّد بن عَلَيِّ بن مُحَمَّد بن يَعْقُوب القاياتي (٣) -والقايات بلد قرب الفيوم وإليها نسب - ثم القاهري الشافعي قاضي القضاة ومحقق الوقت وعلامة الأفاق، برع في الفقه والعربية والأصليين والمعاني، وسمع الحديث وحدّث باليسير، وولي تدريس البرقوقية والأشرفية، وغيرها، توفي ليلة الاثنين الثامن عشر من المحرم سنة خمسين وثمانمئة بالقاهرة.
رابعًا: تقي الدِّين أبو بَكْر بن شِهَابِ الدِّين أحمد بن مُحَمَّد بن قاضي شهبة الشَّافِعِيّ، صاحب طبقات الشافعية، كان إمامًا علامة تفقه بوالده وغيره، وسمع من
_________
(١) انظر: شذرات الذهب ٧/ ٢٠٤ - ٢٠٦، والأعلام ٧/ ٤٥، ومعجم المؤلفين ١١/ ٢٩١ - ٢٩٢.
(٢) انظر: شذرات الذهب ٧/ ٢١٥، ومعجم المؤلفين ١١/ ٢٩٦.
(٣) انظر: نظم العقيان فِي أعيان الأعيان: ١٥٤، وشذرات الذهب ٧/ ٢٦٨، ومعجم المؤلفين ١١/ ٦١.
1 / 11
أكابر أهل عصره، وأفتى ودرس وجمع وصنف، من مصنفاته: " شرح المنهاج "، و" لباب التهذيب "، و" الذيل على تاريخ ابن كثير "، وغير ذلك، توفي ليلة الْجُمُعَةِ ثاني عشر من ذي القعدة سنة إحدى وخمسين وثمان مئة (١).
خامسًا: شِهَابٍ الدِّين أبو الفضل أحمد بن عَلَيِّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَلَيِّ ابن أحمد بن حَجَر الكناني العسقلاني الشَّافِعِيّ.
ولد فِي شعبان سنة ثلاث وسبعين وسبعمئة عَلَى شاطئ النيل بمصر القديمة.
نشأ الحافظ ابن حَجَر يتيمًا، إذ مات أبوه فِي رجب سنة سبع وسبعين وسبعمئة، وماتت أمه قبل ذَلِكَ وَهُوَ طفل، وَكَانَ أبوه قد أوصى بِهِ إِلىَ رجلين ممن كَانَت بينه وبينهم مودة هما: زكي الدِّين أبو بَكْرِ بن نور الدِّين عَلَيٍّ الخروبي وَكَانَ تاجرًا كبيرًا بمصر. وثانيهما: العلامة شمس الدِّين بن القطان، الذي كَانَ لَهُ بوالده اختصاص فنشأ في كنف الوصاية فِي غاية العفة والصيانة، وَكَانَ الحافظ ابن حَجَر قد راهق ولم تعرف لَهُ صبوة ولم تضبط لَهُ زلة.
حفظ القرآن وَهُوَ ابن تسع سنين، وصلى بالناس التراويح إمامًا فِي المسجد الحرام، وَهُوَ ابن اثنتي عشرة سنة إبان مجاورته مَعَ وصيه الخروبي بمكة المكرمة، وحفظ بعد رجوعه إِلىَ مصر " عُمْدَة الأحكام " لعبد الغني المقدسي، و"الحاوي الصَّغِير" للقزويني، و"مُخْتَصَر ابن الحاجب الأصلي " و" الملحة " وغيرها.
وَكَانَ قد أُعطي حافظة قوية، فكان يحفظ كل يَوْمٍ نصف حزب من القرآن، وَكَانَ فِي غالب أيامه يصحح الصحيفة من " الحاوي الصَّغِير "، ثُمَّ يقرؤها مرة أخرى، ثُمَّ يعرضها فِي الثالثة حفظًا، لازم كثيرًا من الشيوخ من المحدّثين والفقهاء والقراء
_________
(١) انظر: نظم العقيان فِي أعيان الأعيان: ٩٤، وشذرات الذهب ٧/ ٢٦٩، والأعلام ٢/ ٦١، ومعجم المؤلفين ٣/ ٥٧ - ٥٨.
1 / 12
واللغويين والأدباء، واستفاد من علومهم، وحبب إليه الحَدِيث النبوي فأقبل بكليته عَلَيْهِ وأخذ عَنْ مشايخ عصره، ولازم الحافظ العراقي عشر سنين وتخرج بِهِ وانتفع بملازمته. كَمَا لازم شيوخًا آخرين فِي الحَدِيث وفي فنون أخرى.
كَانَ ابن حَجَر واحدًا من هؤلاء الأفاضل الشغوفين بالعلم والتضلع فيه، فجال فِي طلب العلم فِي مصر والشام والحجاز واليمن، والتقى بعدد كبير من العلماء فِي هذه البلدان، وحمل عنهم شيئًا كثيرًا من العلم، واستفاد مِنْهُم وأفاد.
اهتم الحافظ ابن حَجَر بذكر شيوخه، وذكر أسمائهم فِي كثير من كتبه، وأعطى عنهم معلومات قيمة إِلىَ جانب ذَلِكَ فقد أفرد ذكرهم فِي كتابين عظيمين:
الأول: " المجمع المؤسس للمعجم المفهرس " ترجم فِيهِ لشيوخه وذكر مروياتهم بالسماع، أو الإجازة، أو الإفادة عنهم.
وَالثَّانِيَ: " المعجم المفهرس " وَهُوَ فهرس لمرويات الحافظ، ذكر فِيهِ شيوخه خلال ذِكرهِ لأسانيده فِي الكتب والأجزاء والمسانيد.
بلغ عدد شيوخه - سماعًا وإجازة وإفادة - نَحْوَ الخمس مئة شيخ عَلَى اختلاف بَيْنَ كتبِ التراجم.
وتتلمذ عَلَى يد الحافظ ابن حَجَر عدد كبير، قد توافدوا عَلَى مجالسه من كل حدب وصوب، وكثر طلبته حَتَّى كَانَ رؤوس علماء كل مذهب من تلامذته، حَتَّى ضاقت بهم مجالسه وامتلأت بجموعهم مدارسه.
بلغت مصنفات الحافظ ابن حَجَر أكثر من اثنين وثلاثين ومئة تصنيف من أهمها:
أ- فَتْح البَارِي بشرح صَحِيح البُخَارِيّ.
ب-تَهْذِيب التَّهْذِيب.
ج- لسان الميزان.
1 / 13
د- التلخيص الحبير.
هـ - الدرر الكامنة.
وتغليق التعليق.
ز- إنباء الغمر بأنباء العمر.
توفي ﵀ بعد حياة حافلة بالعلم النافع والعمل الصالح، فِي أواخر شهر ذي الحجة سنة اثنتين وخمسين وثمانمئة (١).
سادسًا: علاء الدين أبو الفتوح عَلَيّ بن أحمد بن إسماعيل بن محمد بن إسماعيل بن علي القلقشندي الشافعي القرشي ولد في القاهر في ذي الحجة سنة ثمان وثمانين وسبع مئة، ونشأ بها وحفظ القرآن العظيم وعدة متون في مذهبه، وتفقه بعلماء عصره كالسراج البلقيني، وولده جلال الدين، والعز بن جماعة، وغيرهم، برع في الفقه والأصول والعربية والبيان والقراءات، وشارك في عدة علوم، وتصدى للإفتاء والتدريس والأشغال وانتفع به الطلبة وتفقه به جماعة من الأعيان، توفي في محرم سنة ست وخمسين وثمانمئة (٢).
سابعًا: المشدالي (٣) محمد بن أبي القاسم بن محمد بن عبد الصمد، أبو عبد الله مفتي بجاية (بالمغرب) وخطيبها، من مصنفاته: تكملة " حاشية الوانوغي على المدونة "، و" مختصر البيان " لابن رشد، و" الفتاوى " توفي سنة خمس وستين وثمانمئة (٤).
_________
(١) انظر: الضوء اللامع ٢/ ٣٦، وشذرات الذهب ٧/ ٢٧٠ - ٢٧٣، والبدر الطالع ١/ ٦١.
(٢) انظر: نظم العقيان في أعيان الأعيان: ١٣٠، وشذرات الذهب ٧/ ٢٨٩.
(٣) ورد في الأعلام ٧/ ٥، ومعجم المؤلفين ١١/ ١٤٤ بلفظ المشذالي بالذال المعجمة.
(٤) ورد في الأعلام ٧/ ٥، ومعجم المؤلفين ١١/ ١٤٤. بأنه توفي في سنة (٨٦٦ هـ).
وانظر: نظم العقيان في أعيان الأعيان: ١٦٠.
1 / 14
ثامنًا: أبو الفضل كمال الدين بن بهادر بن محمد بن محمد المؤمني الشافعي من فضلاء الشافعية، ولد في طرابلس المغرب، وتعلم بالقاهرة وأقام فيها إلى أن توفي، له مصنفات منها: " فتوح النصر في تاريخ ملوك مصر "، ورسالة في ترجمة شيخه جلال الدين المحلي، و" الدرة المضية في الأعمال الجيبية "، وغير ذلك، توفي سنة سبع وسبعين وثمانمئة (١).
تاسعًا: تقي الدين أبو بكر بن محمد الحمصي المنبجي الحنبلي، قال العليمي: قرأ " العمدة " للشيخ الموفق و" النظم " للصرصري، ثم قرأ " المقنع " و" أصول الطوفي " و" ألفية ابن مالك "، وحفظ القرآن، واشتغل بالمنطق والمعاني والبيان وأتقن الفرائض والجبر والمقابلة، وتفقه على ابن قندس وأذن له في الإفتاء، وكان مشتغلًا بالعلم، ويسافر بالتجارة، وصحب القاضي عز الدين الكناني بالديار المصرية، توفي بالقاهرة في رجب سنة اثنتين وثمانين وثمان مئة (٢).
تلامذته:
تتلمذ على يد البقاعي طلاب كثيرون أخذوا عنه وتأثروا بعلومه نذكر عددًا منهم على سبيل الذكر لا الحصر مرتبين حسب وفياتهم.
أولًا: محيي الدين أبو المفاخر عبد القادر بن محمد بن عمر الرحلة مؤرخ دمشق وأحد محدثيها، قرأ على البرهان البقاعي مصنفه المسمى بـ" الإيذان "، وأجاز له به وبما تجوز له، وعنه روايته، وشيوخه كثيرون ذكرهم في تواريخه، وألف كتبًا كثيرة منها: " الدارس في تواريخ المدارس "، و" تذكرة الأخوان في حوادث الزمان "، و" تحفة البررة في الأحاديث المعتبرة"، وغير ذلك، توفي سنة سبع وعشرين وتسعمئة (٣).
_________
(١) انظر: الأعلام ٧/ ٤٨ - ٤٩، ومعجم المؤلفين ١١/ ٢٩٧.
(٢) انظر: شذرات الذهب ٧/ ٣٣٤.
(٣) انظر: شذرات الذهب ٨/ ١٥٣، والأعلام ٤/ ٤٣، ومعجم المؤلفين ٥/ ٣٠١.
1 / 15
ثانيًا: شهاب الدين أحمد بن محمد بن عمر بن أبي بكر بن عثمان الأنصاري الحمصي الدمشقي الشافعي المعتني بالحديث والعلم، وأخذ عن جماعة من الشاميين والمصريين وفوض إليه القضاء قاضي القضاة شهاب الدين بن الفرفور، ثم سافر إلى مصر وفوض إليه القضاء أيضًا قاضي القضاة زكريا الأنصاري، وكان يخطب مكانه بقلعة الجيل، وكان الغوري يميل إلى خطبته، ويختار تقديمه لفصاحته ونداوة صوته، ثم رجح إلى دمشق وخطب بجامعها عن قاضي قضاة الشافعية اللولوي بن الفرفور توفي يوم الثلاثاء تاسع عشر جمادي الآخرة سنة أربع وثلاثين وتسع مئة ودفن بباب الفراديس (١).
ثالثًا: رضي الدين أبو الفضل محمد بن رضي الدين محمد بن أحمد الدمشقي الشَّافِعِيّ كان ﵀ ممن قطع عمره في العلم طلبًا وإفادة وجمعًا وتصنيفًا، أفتى ودرس وولي القضاء نيابة عن قريبه القطب الخيضري، وسنه آنذاك دون العشرين سنة، من مؤلفاته: " الدرر اللوامع نظم جمع الجوامع " في الأصول، وألفية في التصوف سماها " الجوهر الفريد في أدب الصوفي والمريد "، وغير ذلك، توفي سنة خمس وثلاثين وتسعمئة ودفن بمقبرة الشيخ رسلان (٢).
رابعًا: شمس الدين محمد بن محمد بن محمد بن أحمد الدلجي العثماني الشافعي ولد سنة ستين وثمانمئة بدلجة، وحفظ القرآن العظيم بها، ثم دخل القاهرة فقرأ
" التنبيه" وغيره على علمائها، ثم رحل إلى دمشق وأقام بها نحو ثلاثين سنة، وأخذ عن البرهان البقاعي، وغيره، وسافر إلى بلاد الروم واجتمع بسلطانها أبي زيد وحج من بلاد الشام، ثم عاد إلى القاهرة، كتب شرحًا على
_________
(١) انظر: شذرات الذهب ٨/ ٢٠١، والأعلام ١/ ٢٣٣، ومعجم المؤلفين ٢/ ١٣٨.
(٢) انظر: شذرات الذهب ٨/ ٢٠٩، ومعجم المؤلفين ١١/ ١٨٤.
1 / 16
" الخزرجية "، وشرحًا على " الأربعين النووية " وغيرها، توفي بالقاهرة سنة سبع وأربعين وتسعمئة (١).
مصنفاته (٢):
صنف البقاعي تصانيف متنوعة وكثيرة، منها:
١. عنوان الزمان بتراجم الشيوخ والأقران.
٢. عنوان العنوان وهو مختصر عنوان الزمان.
٣. أسواق الأشواق اختصر به مصارع العشاق.
٤. الباحة في علمي الحساب والمساحة.
٥. الإباحة في شرح الباحة في علم الحساب والمساحة.
٦. أخبار الجلاد في فتح البلاد.
٧. نظم الدرر في تناسب الآيات والسور (٣) يعرف بمناسبات البقاعي، أو تفسير البقاعي.
٨. بذل النصح والشفقة للتعريف بصحبة ورقة.
٩. جواهر البحار في نظم سيرة المختار.
١٠. الإعلام بسن الهجرة إلى الشام، وهو كتاب مطبوع متداول.
١١. مصرع التصوف.
_________
(١) انظر: شذرات الذهب ٨/ ٢٧٠، والأعلام ٧/ ٥٦ - ٥٧، ومعجم المؤلفين ١١/ ٢٦٥.
(٢) انظر: نظم العقيان في أعيان الأعيان: ٢٤، وتاريخ آداب اللغة العربية ٣/ ١٦٨، والأعلام ١/ ٥٦، ومعجم المؤلفين ١/ ٧١.
(٣) ورد اسم هذا المصنف عند الحافظ جلال الدين السيوطي باسم الجوهر والدرر في مناسبة الآي والسور. انظر: نظم العقيان في أعيان الأعيان: ٢٤.
1 / 17
١٢. تهذيب الجمل في مختصر نهاية الأمل في المنطق - للخونجي - (١)
١٣. مختصر في السيرة النبوية والثلاثة الخلفاء.
١٤. القول المفيد في أصول التجويد، وهو مطبوع.
١٥. سر الروح اختصره من كتاب الروح لابن القيم الجوزية، وهو مطبوع ومتداول.
١٦. مصارع النظر للأشواق على مقاصد السور.
١٧. النكت الوفية بما فِي شرح الألفية (٢).
١٨. النكت على شرح العقائد.
١٩. كناية القارئ في رواية أبي عمرو.
٢٠. الاطلاع على حجة الوداع.
٢١. إشعار الواعي بأشعار البقاعي وهو ديوان شعر (٣).
٢٠. تنبيه الغبي بتكفير عمر بن الفارض وابن العربي، وبسبب هذا التأليف تناولته الألسن، وكثر الرد عليه. فممن رد عليه السيوطي بكتابه تنبيه الغبي بتبرئة ابن العربي.
ثناء العلماء عليه:
كان لتبكير البقاعي ﵀ في طلب العلم، ولما خلفه لنا من ثروة هائلة من المصنفات في شتى العلوم، الأثر البالغ في نفوس العلماء، فراحوا يثنون عليه بالأقوال الحسان، وفيما يأتي ذكر لبعض أقوالهم:
_________
(١) انظر: كشف الظنون ١/ ٦٠٢.
(٢) وهو الذي بين يديك.
(٣) انظر: أشعار البقاعي في كتاب نظم العقيان في أعيان الأعيان: ٢٥.
1 / 18
أولًا: جلال الدين السيوطي: فقد وصفه بأنه: «علامة محدّث حافظ، وبأنه مهر وبرع في الفنون وله تصانيف كثيرة حسنة» (١).
ثانيًا: ابن عماد الحنبلي: فقد وصفه بأنه: «المحدّث المفسر الإمام العلامة المؤرخ، وبأنه كان من أعاجيب الدهر وحسناته» (٢).
ثالثًا: محمد بن علي الشوكاني: فقد وصفه بأنه: «من الأئمة المتقنين المتبحرين في جميع المعارف وأنه من أوعية العلم المفرطين في الذكاء، الجامعين بين علمي المعقول والمنقول» (٣).
نقد العلماء له والكلام عليه:
أولًا: السخاوي: فقد وصفه بقوله: «... ولكن أضله التيه، وحب الشرف والسمعة، وأنزل نفسه محلًا لم ينته لعشره بحيث زعم أنه قيم العصرين بكتاب الله وسنة رسوله، وأنه أبدى ببديهته جوابًا مكث التقي السبكي واقفًا عنه أربعين سنة، وإنه لا يخرج عن الكتاب والسنة بل هو متطبع بأطباع الصحابة مع رميه للناس بما يقابله الله عَلَيْهِ، حتى أنه طعن في حافظ الشام ابن ناصر الدين إلى غيره من الأكابر كالقاياتي والنويري، وما سلم منه أحد وليس بثقة ولا صدوق» (٤).
وقد انتقده السخاوي أيضًا في كتابه " الضوء اللامع " عندما ترجم له فقد ملأ ترجمته بالسب والعيب والانتقاص والمثالب فقد قال عنه: «وركب البحر في عدة غزوات، ورابط غير مرة، الله أعلم بنيته في ذلك كله، وأنه رمى الناس بالقذف والفسق والكذب والجهل، وذكر ألفاظ لا تصدر من عاقل وأمورًا متناقضة وأفعالًا
_________
(١) انظر: نظم العقيان في أعيان الأعيان: ٢٤.
(٢) انظر: شذرات الذهب ٧/ ٣٤٠.
(٣) انظر: البدر الطالع ١/ ٢٠.
(٤) انظر: وجيز الكلام في الذيل على دول الإسلام للسخاوي ٣/ ٩٠٩ - ٩١١.
1 / 19
سيئة وحقدًا تامًا وما علمت أحدًا سلم من أذاه لا الشيوخ ولا الأقران ولا من يليهم من كل بلد دخله» (١).
ثانيًا: السيوطي: انتقده السيوطي بسبب تأليفه لكتاب " تنبيه الغبي بتكفير عمر بن الفارض وابن العربي " فقد رد عليه السيوطي بكتابه "تنبيه الغبي بتبرئة ابن العربي" (٢).
وفاته:
توفي برهان الدين البقاعي ليلة السبت ثامن عشر رجب سنة خمس وثمانين وثمان مئة، بعد أن تفتت كبده من مكابدة الشدائد ومناهدة العظائم، وصلى عليه من الغد بالجامع الأموي، ودفن بالحميرية خارج دمشق من جهة قبر عاتكة (٣).
وقد رثى نفسه في حياته لموته فقال (٤):
نعم إنني عما قريب لميت ... ومن ذا الذي يبقى على الحدثان
كأني بي أنعى إليك وعندها ... ترى خبرًا صمت له الآذانِ
فلا حسد يبقى إليك وَلاَ قلى ... فتنطق من مدحي بأي معانِ
وتنظر أوصافي فتعلم أنها ... علت عن مدان في أعز مكانِ
ويمسي رجال قد تهدم ركنهم ... فمدمعهم لي دائم الهملانِ
فكم من عزيز بي يذل جماحه ... ويطمع فيه ذو شقا وهوان
فيا رب من يفاجا بهوان بوده ... ولو كنت موجودًا إليه دعاني
_________
(١) انظر: الضوء اللامع ١/ ١٠٢ - ١٠٣.
(٢) نقلًا من كتاب شذرات الذهب ٧/ ٣٤٠.
(٣) انظر: الضوء اللامع ١/ ١٠٧، وكشف الظنون ٢/ ٥٧٤، وشذرات الذهب ٧/ ٣٤٠، والبدر الطالع ١/ ٢١، وتاريخ آداب اللغة العربية ٣/ ١٦٨، والأعلام ١/ ٥٦، ومعجم المؤلفين ١/ ٧١.
(٤) انظر: الضوء اللامع ١/ ١٠٧ - ١٠٨، والبدر الطالع ١/ ٢١ - ٢٢.
1 / 20
ويا رب شخص قد دهته مصيبة ... لها القلب أمسى دائم الخفقانِ
فيطلب من يجلو صداها فلا يرى ... ولو كنت جلتها يدي ولساني
وكم ظالم نالته مني غضاضة ... لنصرة مظلوم ضعيف جنانِ
وكم خطة سامت ذويها معرة ... أعيذت بضرب من يدي وطعانِ
فإن يرثني من كنت أجمع شمله ... بتشتيت شملي مَا الوفاء رثاني
وإلا نعاني كل خلق ترفعت ... به هممي عن شائن وبكاني
1 / 21
دراسة كتاب " النكت الوفية بما في شرح الألفية "
لعلنا لا نغادرُ أرضَ الواقعِ والحقيقةِ إذا قلنا: أنَّ شرحَ الحافظِ العراقيِّ منْ أكثرِ الشروحِ أصالةً في مادتهِ العلميةِ، وأوفرِها إغناءً لجوانبِ البحثِ العلميِّ، فقدْ حوى الكتابُ الكثيرَ من النقولاتِ لأئمةِ هذا الفنِّ وعُمَدِهِ فاستغنى بها، وأجادَ وأفادَ مع الأصالة التامة والإبداع الفائق والأسلوب الرصين؛ حتى أصبح هذا الكتَاب منَ المراجعِ الجليلةِ لعلمِ مصطلحِ الحديثِ، ولا غنيةَ لطَالبِ العلمِ عنهُ.
ولا ريبَ أن لا حفظَ لكتابٍ عن الخطأِ والتحريفِ والتصحيفِ خلا كتاب اللهِ تعالى، فمنَ البَدهي أنْ يعتري هذا الجهد البشري - الذي لا يخلوا من نقصٍ جُبِلَت عليهِ فطرة النَّاس التي فطرهم اللهُ عليها -بعضَ الهناتِ هنا وهناكَ، وفي هذا يقولُ العمادُ الأصبهانيُّ: «إنَّهُ لا يكتبُ إنسانٌ كتابًا في يومهِ إلا قالَ في غدهِ: لو غُيِّرَ هذا لكانَ أحسن، ولو زِيدَ هذا لكانَ يُستحسن، ولو قُدِّمَ هذا لكانَ أفضل، ولو تُركَ هذا لكانَ أجمل، وهذا منْ أعظمِ العبرِ، وهو دليلٌ على استيلاءِ النقصِ على جملةِ البشرِ»، وقدْ دأبَ أهلُ العلمِ الفضلاءِ في تتبعِ أمهاتِ الكتبِ نفيًا لما جاءَ فيها من تقصيرٍ، وتصحيحًا لبعضِ ما شابها من أخطاءٍ خدمةً لدينِ اللهِ، وابتغاءً لمرضاتهِ جلَّ في علاه المتمثل بخدمَةِ سنةِ الرسولِ ﷺ الدليل الثاني منْ أدلةِ الدينِ الحنيفِ؛ لذا جاءَ كتابُ " النكتِ الوفيةِ بما في شرح الألفية " للعلامةِ البقاعيِّ على هذا النهجِ، وهذا المنوالِ ليُتممَ فوائدَ هذا الشَّرحِ الجليلِ العلمية، ويحل بعضَ ما غمضَ وأبهم من عباراتِهِ وجملِهِ، فاكًا لكلِّ لبسٍ قد يَظهرُ للقارئ حولها، ومستدركًا لبعضِ ما وردَ فيهِ منَ الهفواتِ التي لا يخلوا منها عملُ إنسانٍ -وكما قدَّمت قبلَ قليلٍ - ومنبهًا على جوانب علميةٍ فريدةٍ حواهَا هذا السفرُ العظيمُ، وفيما يأتي أوجزُ بعضَ هذهِ السماتِ التي تمتعَ بها كتابُ " النكتِ الوفيةِ بما في شرح الألفية " وبعضَ ما امتازَ بهِ، فأقول وبالله التوفيق:
1 / 22
١ - تَضمَّنَ كتاب " النكتِ الوفيةِ بما في شرح الألفية " اعتراضات على بعضِ الأبياتِ الشعريةِ من ألفيةِ الإمامِ العراقيِّ موردًا ما يراهُ أولى بالنَّظمِ وأتم للفائدةِ وأشمل، انظر على سبيلِ المثالِ: ١/ ٨٠ و١٣٤ و١٣٩ و٣١٥ و٣٤٨ و٣٦٣ و٤٤٥ و٤٥٧ و٥٤١ و٥٤٤ و٦١٥ و٢/ ١٠ و٦٢ و١٠١ و١٤٤ و١٤٧ و٢٣٥ و٢٧٧.
٢ - لم يتقيد العلامةُ البقاعيُّ في حرفيةِ النقلِ حينما ينقلُ من الكتبِ الأخرى مستدلًا بهذه النقولاتِ أو موضحًا لرأيٍ أو عبارةٍ، بل تصرَّفَ في كثيرٍ منَ الأحيانِ، ولكن مع المحافظةِ على روحِ النَّصِ والتقيدِ بمعناه، وكثيرًا ما كانَ يصرِّحُ بذلكَ عقبَ انتهاءِ نقلهِ، انظر على سبيلِ المثالِ: ١/ ٦٨ و٨٩ و١٥٣ و٢٠٨ و٤٤٢ و٢/ ١٤١.
٣ - نقلَ كثيرًا من الفوائدِ العلميةِ في علمِ مصطلحِ الحديثِ ومناهجِ المحدّثينَ عن شيخهِ الحافظِ ابن حجر، انظر على سبيلِ المثالِ: ١/ ٧٥ و٧٧ و٨٩ و١٢٤
و١٢٦ و١٤١ و١٤٢ و١٤٥ و١٤٦ و١٤٨ و١٤٩ و١٥٦ و١٥٩ و١٦٨ - ١٦٩ و٢٩١ و٤٠٩، وبعضها لا نجده عند غير البقاعي مما يعطينا مادة علمية إضافية عن الحافظ ابن حجر.
٤ - أورد العلامة البقاعي في " النكت الوفية بما في شرح الألفية " ذكرًا لكثيرٍ منْ نوادرِ الكتبِ والتي لم تصلْ إلينا لسبب ما، ناقلًا منها عباراتٍ متنوعةٍ، واصفًا بعضها بأبرزِ سماتها وموضحًا أثرهَا العلمي، انظر على سبيل المثالِ: ١/ ٦٣ و٨٧ و٩٠ و١٠٢ و١٧٠ و٢٠٣ و٣١٧ و٥٤١.
٥ - تكررت في كتابهِ عبارات: «وبخطِّ بعضِ أصحابنا»، و«قالَ بعضُ أصحابنا»، و«قالَ صاحبنا»، وقد أبهمَ فيها اسمَ منْ نقلَ عنه، انظر على سبيلِ المثالِ: ١/ ٧٧ و١١٥ و١١٦ و١٢٠ و١٢١ و١٨٤ و٣١٣ و٣١٤ و٣٣٣
1 / 23
و٦١٥ و٦١٨ و٦٢٨ و٦٥٨ و٦٦٤ و٢/ ٣٥ و٤٣٥، وفي بعض الأماكن يترجح الظن أنه أراد السخاوي، ولعله أبهمه لما حصل بينهما من جفوة، والله أعلم.
٦ - ردَّ في كتابِهِ هذا على كثيرٍ منَ الاعتراضاتِ التي اعُترضَ فيها على ابن الصَّلاحِ على بعضِ ما أوردهُ في كتابهِ " معرفة أنواعِ علمِ الحديثِ "، انظر على سبيلِ المثالِ: ١/ ٧٩ و٨٦ و١٣٥ و١٣٨ و١٣٩ و٣١٢ و٢/ ٦٩.
٧ - تَعقبَ شيخَه الحافظ ابن حجر في عدةِ مواطنَ مِنْ هذا الكتابِ بعدَ أنْ ينقلَ رأيهُ في بعض المسائل، انظر على سبيلِ المثالِ: ١/ ٣٦٧.
٨ - استطردَ كثيرًا في ذكرِ الفوائدِ اللغويةِ والبلاغيةِ، وأخذَ ينقلُ الكثيرَ من العباراتِ من معاجمِ اللغةِ والغريبِ، مبينًا وموضحًا لما استُعجمَ أو أُبهمَ من الكلماتِ أو العباراتِ؛ مما أثرى هذا الكتابَ بمادةٍ لغويةٍ جميلةٍ، انظر على سبيلِ المثالِ: ١/ ٦٥ و٦٧ و٦٨ و٦٩ و٧٢ و١٣٥ و١٤٧ و٢٦٤ و٢٨٣ - ٢٨٩ و٣١٧ و٣٥٨ و٣٨٥ و٤٠٥ و٤٥٥ و٤٩٩ - ٥٠٠ و٥٠٩ و٥١٢ و٥٢٥ و٥٣٨ و٥٤٣ و٥٤٩ و٥٥٠ و٥٥٩ و٥٧٥ و٥٧٦ و٥٩٢ و٦٠٠ و٢/ ٣٤ و٦٥ و٦٧ و٦٨ و٨٢ و٨٦ - ٩٠ و٩٨ و١٠٦ و١٣٣ و١٣٤ و١٤١ و١٤٢ و١٤٧ و١٦٤ و١٧١ و١٧٣ و١٨٠ و١٨٤ و٢٢٥ و٢٢٦ و٢٥٤ و٣١٤ و٣١٦ و٣٢٠ و٣٤٥ و٣٧٢ و٣٨١ و٤٣٧ و٤٤٨ و٤٤٩ و٤٥٥.
٩ - ذكرَ بعضَ الفوائد الأصوليةِ، والقواعد الفقهيةِ في أصولِ الفقهِ، انظر على سبيلِ المثالِ: ١/ ٩٠ و١٦٥ و١٧٤ و٢٩٢ و٣٢٧ و٣٤٤ و٤١٨ و٥٨٨.
١٠ - أوردَ بعضَ العباراتِ المنطقيةِ، انظر على سبيلِ المثالِ: ١/ ١٣٩ و٤١٧ و٥٩٠ و٥٩١.
١١ - أوردَ عبارات جميلةٍ في المصطلحِ لخَّصَ فيها الكثيرَ من الكلامِ، وترى فيها
1 / 24