الْبَابُ الثَّامِنُ وَالثَّلَاثُونَ
فِي الْحِسْبَةِ عَلَى مُؤَدِّبِي (^١) الصِّبْيَانِ
لَا يَجُوزُ لَهُمْ تَعْلِيمُ الْخَطِّ [لِلصِّبْيَانِ] (^٢) فِي الْمَسَاجِدِ، لِأَنَّ «النَّبِيَّ ﷺ أَمَرَ بِتَنْزِيهِ الْمَسَاجِدِ مِنْ الصِّبْيَانِ وَالْمَجَانِينِ»؛ لِأَنَّهُمْ يُسَوِّدُونَ [حِيطَانَهَا] (^٣)، وَيُنَجِّسُونَ أَرْضَهَا، إذْ لَا يَحْتَرِزُونَ (^٤) مِنْ الْبَوْلِ وَسَائِرِ النَّجَاسَاتِ؛ بَلْ يَتَّخِذُونَ لِلتَّعْلِيمِ حَوَانِيتَ فِي الدُّرُوبِ وَأَطْرَافِ الْأَسْوَاقِ.
فَصْلٌ
وَأَوَّلُ مَا يَنْبَغِي لِلْمُؤَدِّبِ أَنْ يُعَلِّمَ الصَّبِيَّ السُّوَرَ الْقِصَارَ مِنْ الْقُرْآنِ، بَعْدَ حِذْقِهِ (^٥) بِمَعْرِفَةِ الْحُرُوفِ وَضَبْطِهَا بِالشَّكْلِ، وَيُدَرِّجُهُ بِذَلِكَ حَتَّى يَأْلَفَهُ طَبْعُهُ، ثُمَّ يُعَرِّفُهُ عَقَائِدَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ (^٦)، ثُمَّ أُصُولَ الْحِسَابِ، وَمَا يُسْتَحْسَنُ مِنْ الْمُرَاسَلَاتِ وَالْأَشْعَارِ دُونَ سَخِيفِهَا وَمُسْتَرْذَلِهَا. وَفِي الرَّوَاحِ يَأْمُرُهُمْ [الْمُؤَدِّبُ] بِتَجْوِيدِ الْخَطِّ عَلَى الْمِثَالِ، وَيُكَلِّفُهُمْ عَرْضَ [مَا] (^٧) أَمْلَاهُ عَلَيْهِمْ حِفْظًا غَائِبًا لَا نَظَرًا. وَمَنْ كَانَ عُمْرُهُ فَوْقَ سَبْعِ سِنِينَ أَمَرَهُ [الْمُؤَدِّبُ] بِالصَّلَاةِ فِي جَمَاعَةٍ، لِأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «عَلِّمُوا صِبْيَانَكُمْ الصَّلَاةَ لِسَبْعٍ (^٨)، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَى تَرْكِهَا لِعَشْرٍ». وَيَأْمُرُهُمْ [الْمُؤَدِّبُ] بِبِرِّ الْوَالِدَيْنِ، وَالِانْقِيَادِ لِأَمْرِهِمَا بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وَالسَّلَامِ عَلَيْهِمَا وَتَقْبِيلِ أَيْدِيهِمَا عِنْدَ الدُّخُولِ إلَيْهِمَا؛ وَيَضْرِبُهُمْ عَلَى إسَاءَةِ الْأَدَبِ وَالْفُحْشِ مِنْ الْكَلَامِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَفْعَالِ الْخَارِجَةِ عَنْ قَانُونِ الشَّرْعِ، مِثْلِ اللَّعِبِ بِالْكِعَابِ (^٩) وَالْبَيْضِ