Nida Haqiqa
نداء الحقيقة: مع ثلاثة نصوص عن الحقيقة لهيدجر
Noocyada
وينتهي الحوار باستطراد قصير عن أحوال الأدب والفن والحديث الذي سبق لهيدجر أن وصفها بأنها مدمرة، ويرد عليه محاوره مدافعا عنهما بأنهما يجربان ويقدمان محاولات يخطئ معظمها ويصيب أقلها، وأن الفنان والأديب لا يمكن أن يلتزم بما كان يلتزم به سلفه قبل ثلاثمائة عام ولا حتى قبل ثلاثين عاما.
ويعبر الفيلسوف عن رغبته في الاستفادة من محدثه فيسأله: أين يقف الفن اليوم؟
ويرد عليه الصحفي بأنه يطالب الفن بما لا يطالب به الفكر، ويؤكد الفيلسوف أنه لا يعرف في الحقيقة ما هو الهدف الذي يتوجه إليه الفن الحديث، وأن الغموض ما يزال يكتنف رؤيته لما هو فني.
ويقول محدثه: إن الفنان والشاعر والكاتب يجدون أنفسهم اليوم في نفس الموقف الذي يجد فيه المفكر نفسه، ويقول الفيلسوف في النهاية: لو نظرنا للأمر من منظور «النشاط الثقافي» لأمكننا وضع الفن والشعر والفلسفة على نفس المستوى وفي نفس الإطار، لكن مجرد الشك في هذا النشاط وفي معنى الثقافة نفسها يجعلهما من موضوعات الفكر ومن المهام التي يواجهها هذا الفكر الذي يصعب علينا تصور محنته، والمحنة الكبرى للفكر - بقدر ما تسعفني الرؤية - تكمن في أنه لا يوجد اليوم مفكر عظيم بمعنى الكلمة يمكنه أن يجعل الفكر يواجه موضوعه مواجهة مباشرة بحيث يدفعه للسير في الطريق الخاص به، إن عظمة ما ينبغي التفكير فيه اليوم لأعظم مما نتصور أو نقدر، والشيء الوحيد الذي يمكننا فعله ربما يكون هو البحث عن دروب ضيقة وصغيرة يمكن أن تساعدنا على بناء معبر مؤقت يصلح للسير عليه.
وأمام هذه الحيرة وهذا العجز - الذي يفيض بالصدق والأمانة - إزاء محنة العصر ومحنة الفيلسوف يتوقف الحوار ويقدم المندوبان الصحفيان شكرهما للفيلسوف.
مدينة نصر، يونيو 2000م
عبد الغفار مكاوي
تمهيد
ما الحقيقة؟
أين نجدها وكيف نعرفها؟
Bog aan la aqoon