وقبل أن يسمع هو شيئا قالت له: الطفلة!
وقبل أن يسألها عادت تقول: اسمع ...
ومن بعيد وصلت إلى أذنيه ضجة صغيرة مكتومة يعرفها تمام المعرفة ... ضجة الطفل حين يصحو من النوم باكيا فجأة، وبلا سابق إنذار.
وقالت: وكأنها لا تدري حقيقة ما تفعل: ماذا أفعل؟
غير أنها قامت ولفت الملاءة البيضاء حول جسدها حتى بدت كالشبح الأبيض، ثم خرجت ملهوفة من الغرفة.
وما إن أغلقت الباب وراءها حتى أحس بنوع خفي من الارتياح، ومضى يدور في الغرفة على غير هدى ويعبث بمحتوياتها بحب استطلاع الأطفال حين يتركون وحدهم في البيت الخالي. وحتى حقيبة يدها فتحها، كانت تفوح منها رائحة غريبة ... خليط من العطر القديم المختلط برائحة الجلد والعرق والبودرة، وكانت فيها بطاقتها الشخصية، وكانت تبدو كالمراهقة في الصورة الصغيرة الملصقة بالبطاقة، ثم قبضة مفاتيح كثيرة، كل ما كان يميزها عن مفاتيح أي ربة بيت أن بينها مفتاحا أدرك أنه مفتاح درج مكتبها في العمل؛ فقد كان يشبه إلى حد كبير مفتاح درج مكتبه «الييل»، بل إنه أخرج سلسلة مفاتيحه من جيبه وقارن بين المفتاحين وضحك، فمجرد التشابه بين المفتاحين أضحكه، إذ في ذلك الوقت كان قد بدأ يحس بالسخونة تسري في رأسه، وبشيء يملأ تلك الحفرة الواسعة التي كان يشعر بها طوال الوقت عميقة جوفاء في صدره. وعادت وهي لا تزال ملتفة بالملاءة البيضاء، ولو كانت قد بقيت على حالها لمضى في إقدامه إلى نهايته، ولكنها حتى قبل أن تصل إلى الفراش رفعت الملاءة عن جسدها وألقتها جانبا، وبدت سخية في عريها، وأكمل طريقه إليها واحتواها بحماس مكسور الحدة. وقبل أن يحدث شيء آخر لمحها تبتسم وكأنها تريد أن تضحك، فسألها بانفعال: ماذا يضحك؟ - البنت كانت تريد الذهاب إلى التواليت.
وقال في سره وهو يلعنها: وماذا يضحك في شيء طبيعي كهذا؟ ولكنه - مجاملة لها - جاراها في ضحكها، وقالت هي: ألفريد هو الذي يفعل هذا في العادة. - ألفريد مين؟ - ألفريد زوجي، هو الذي يستيقظ على بكائهم ويذهب بهم إلى التواليت.
ولم تكد تقول هذا حتى كان درش يقهقه، وأخذت تتأمله وهو ينثني ويعتدل ويضحك، ثم سألته بعد أن انتهى! - لماذا تضحك؟
فقال وهو يكاد يموت من الضحك: لأنني أحسن من ألفريد. - لماذا؟
وكاد يقول لها: لأنني ليس من مهامي كزوج أن أذهب الأولاد إلى التواليت، ولكنه لم يقلها. ليس هذا وقته، الوقت وقت الفراش.
Bog aan la aqoon