ويروى في ذلك أن عمر بن عبد العزيز قال: «مَا يَسُرُّنِي بِاخْتِلاَفِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حُمُرُ النَّعَمِ، وَلَوْ كَانَ رَأْيًا وَاحِدًا لَكَانَ النَّاس فِي ضِيقٍ».
٤ - جاء بعد هؤلاء التابعين الطبقة الأولى من الأئمة المجتهدين - كربيعة الرأي ومالك بن أنس وأبي حنيفة والأوزاعي، وسفيان الثوري، والليث بن سعد، وغيرهم كثير.
وهؤلاء التقوا بالتابعين وأخذوا عنهم، ودرسوا الآثار وأوجه الاستنباط عليهم، فأبو حنيفة تلقى عن إبراهيم النخعي، وعطاء، وحماد بن أبي سليمان، وغيرهم. ومالك تلقى عن نافع، وابن شهاب الزهري، والقاسم بن محمد، وغيرهم من التابعين الذين اشتهروا بالفقه، وَسُمُّوا بالفقهاء السبعة مثل عروة بن الزبير، وسليمان بن يسار.
وإن عين الفقه قد تفتحت بعد ذلك بهؤلاء الأئمة، فقد كثر التلاميذ، وكثر الدارسون وصار ثمة علماء أعلام تتذاكر بهم الركبان، والفتاوى تنقل عنهم من مكان إلى مكان.
وكان موسم الحج مجالًا يتدارس فيه أهل الفقه، بل إن بعضهم كان يقصد من القربى إلى الله تعالى النُّجْعَةَ إلى العلم ليتزود مع زَادِ التقوى زَادَ العلم، وهو من التقوى، ما دام يقصده لوجه الله لا يرجو
1 / 25