قطعية لا مناص من اتباعها، وإن اختلفوا كان لهم أن يختاروا من بينها، ولا يخرجوا عن كلها، وفي الغالب كان كل تلميذ يتبع شيخه من الصحابة.
وكان لهم مع ذلك اجتهاد فيما لا يعرف فيه من قبلهم رأي في أمر من الأمور، فإنهم حينئذٍ يجتهدون آراءهم كما سلك شيوخهم من الصحابة.
وأخذت في عهد التابعين مناهج الاجتهاد تتميز من غير انحراف ولا خروج عن الرَّبْقَةِ، بل الجميع متعلقون بالكتاب والسنة وعلم الصحابة يعتبرونها المنجاة من هاوية الباطل.
فكان لفقهاء العراق نهج في الاجتهاد بعد النصوص وأقوال الصحابة، وغلب عليهم الاجتهاد بالقياس.
وكان لفقهاء الحجاز نهج، ويغلب فيه الأخذ بالمصلحة، وكان لكل منهج مدرسة قائمة بذاتها، ابتدأت تتكون في عهد التابعين، ثم نمت من بعدهم حتى تكاملت.
ولا بد أن ننبه هنا أن الصحابة اختلفوا كما نوهنا، وأن التابعين اختلفوا كما قررنا. وإن الاختلاف في الفروع الفقهية لا ضرر فيه على المسلمين، ولا على الحقائق الإسلامية ما دام القصد الوصول إلى الحق، وليس في واحد من الآراء هدم لنص، أو نقض لأصل، أو مصادمة لمقصد من المقاصد الشرعية.
1 / 24