وقولهم: هذا فرار من التجسيم والتشبيه، لأن الكيف من خصائص الأجسام، والتشبيه عندهم كفر، ففروا من الكفر بقولهم: بلا كيف، فلا بد على قولهم هذا من أحد أمرين: التجسيم، والقول بالمحال، لأن حصول حقيقة الإستواء مع عدم الكيف محال بحكم العقل، ومع الكيف تجسيم، ولا يصح الإيمان بالمحال.
وقولهم: الاستواء معلوم، فإن أرادوا اللفظ فلا خلاف في معلوميته، وإن أرادوا معناه الحقيقي فيلزم منه التجسيم والتشبيه، والتشبيه عندهم كفر.
وقولهم: الإيمان به واجب، إن أرادوا حقيقة الاستواء ففاسد، لاستحالة ذلك على الله بحكم العقل، وإن أرادوا ذلك مع عدم الكيف فلا يصح التصديق بالمحال.
وإن أرادوا أنا نؤمن به على حسب المعنى الذي أراده الله تعالى، وإن لم نعلمه تفصيلا، فإن إثباتهم لحقيقة الاستواء ينافي هذا الفرض والتقدير، وهكذا إثبات اليدين، والعينين والوجه بدون الكيف.
فإن كانت بمعانيها الحقيقية لزم اعتقاد المحال لاستحالة المعاني الحقيقة بدون الكيف، ومع الكيف يلزم التجسيم.
نعم، عندنا أن الإيمان بالشيء متفرع على معرفته، فيلزمنا أولا:
أن نعرف ما أريد بهذا اللفظ، هل معناه الحقيقي أو المعنى المجازي، فإذا كان المعنى الحقيقي مستحيلا فلا يكون جحوده تعطيلا وكفرا كما يقوله الوهابيون.
[الأعين]
إذا كانت الأعين في قوله تعالى: ((تجري بأعيننا)) [القمر:14]، بالمعنى الحقيقي محالا، لاستلزامها التجسيم والتشبيه، وكان قولهم: له جل وعلا أعين حقيقة بلا كيف، محالا بمقتضى العقل والفطرة.
Bogga 33