250

Nawadir Kiram

نوادر الكرام

Noocyada

المروءة وأربابها

قال النبي

صلى الله عليه وسلم : «من عامل الناس فلم يظلمهم وحدثهم فلم يكذبهم ووعدهم فلم يخلفهم فهو ممن كملت مروءته وظهرت عدالته ووجبت أخوته». وقال بعض البلغاء: من شروط المروءة أن يتعفف عن الحرام ويتصلف عن الآثام وينصف في الحكم ويكف عن الظلم ولا يطمع فيما لا يستحق ولا يستطيل على من لا يسترق ولا يعين قويا على ضعيف ولا يؤثر دنيا على شريف ولا يسر ما يعقبه الوزر والإثم ولا يفعل ما يقبح الذكر والاسم. وسئل بعض الحكماء عن الفرق بين العقل والمروءة، فقال: العقل يأمرك بالأنفع والمروءة تأمرك بالأجمل. وقال النبي

صلى الله عليه وسلم : «إن الله يحب معالي الأمور وأشرافها ويكره دنيها وسفسافها». وقال عمر بن الخطاب: لا تصغرن هممكم فإني لم أر أقعد عن المكرمات من صغر الهمم. وقيل: الهمة راية الجد. وقال بعض البلغاء: علوا الهمم بذر النعم. وقال بعض العلماء: إذا طلب رجلان أمرا ظفر به أعظمهما مروءة. وقال بعض الأدباء: من طلب التماس المعالي بسوء الرجاء لم ينل جسيما. وقال النبي

صلى الله عليه وسلم : «ما هلك امرؤ عرف قدره». وقيل لبعض الحكماء: من أسوأ الناس حالا؟ فقال: من بعدت همته واتسعت أمنيته وقصرت آلته وقلت مقدرته. وقال بعض الحكماء: تجنبوا المنى فإنها تذهب ببهجة ما خولتم وتستصغرون بها نعمة الله عليكم. وقيل: الحظوظ كالسحاب الذي يمسك عن منابت الأشجار إلى مغايص البحار وينزل إلى حيث يصادف من خبيث وطيب فإن صادف أرضا طيبة نفع وإن صادف أرضا خبيثة ضر كذلك الحظ إن صادف نفسا شريفة نفع وكان نعمة عامة وإن صادف نفسا دنية ضر وكان نقمة طامة. دعا موسى بن عمران على قوم بالعذاب فأوحى إليه قد ملكت أسفلها على أعلاها، فقال: يا رب كنت أحب لهم عذابا عاجلا؛ فأوحى الله تعالى إليه: أو ليس هذا كل العذاب العاجل الأليم، وقيل: شرف النفس مع الهمة أولى من علو الهمة مع دناءة النفس؛ لأن من علت همته مع دناءة نفسه كان متعديا إلى طلب ما لا يستحقه ومتخطيا إلى التماس ما لا يستوجبه ومن شرفت نفسه مع صغر همته فهو تارك لما يستحق ومقصر عما يجب له والفضل بينهما ظاهر وإن كان لكليهما من الذم نصيب.

وقيل لبعض الحكماء: ما أصعب شيء على الإنسان؟، قال: أن يعرف نفسه ويكتم الأسرار فإذا اجتمع الأمران واقترنا بشرف النفس وعلو الهمة كان الفضل بهما ظاهرا وافرا ومشاق الحمد مسهلة وشروط المروءة بينهما متينة.

وتقسم شروط المروءة إلى قسمين، شروط المروءة في النفس وشروطها في الغير، فأما شروطها في النفس ففي ثلاثة أمور وهي العفة والنزاهة والصيانة، فأما العفة فنوعان أحدهما العفة عن المحارم والثاني العفة عن المآثم وفي ذلك يقول الشاعر:

الموت خير من ركوب العار

والعار خير من دخول النار

والله من هذا وهذا جاري

Bog aan la aqoon