فعجب الملك من ذكائه ودفع إليه تلك الجارية.
يزيد بن عبد الملك وجاريته حبابة
كان ليزيد بن عبد الملك بن مروان الأموي جارية مدنية صبيحة الوجه، مليحة النادرة، لطيفة المحاضرة، خفيفة الروح، غردة الصوت، شجية الغناء، عالمة بصنعة العود، وكان يزيد مغرما بها، شديد الهيام بحبها، فخلع العذار وتقطع إليها الليل والنهار، وكانت لديه الأميرة المطلقة تعزل من تشاء وتولي من تشاء، فاشتهر أمره وشاع ذكرها وذكره إلى أن نزل معها ذات يوم بإحدى قرى الشام ونظر إلى غلامه قائلا: ويحك لا تمكن أحدا من الوقوف ببابي ولا تدع إنسانا يخرق حجابي، ثم خلا بحبابة وما برح معها في لهو وطرب إلى أن تواسط النهار، فدعا بطبق رمان تناثرت على سطحه الحبوب تناثر اللؤلؤ على الأعناق وقدمه إليها، فشرقت حبابة بحبة منه ذهبت بروحها إلى عالم العدم، فصاح يزيد صيحة الألم وطارت نفسه بأثرها شعاعا وطفق يعض أنامله جزعا والتياعا، وما زال يقبلها وينوح عليها إلى أن أدركها الفساد، فأودعها الثرى حتم أنفه وهو يدمي بثناياه باطن كفه ويردد الأنين والحسرات حتى شرب كأس المنون فدفنوه حذاءها ولسان حاله يقول:
أموت على أثر الحبيبة ظاعنا
ليجتمع الروحان في عالم الخلد
ومما قاله فيها إثر فراق:
أبلغ حبابة أسقى ربعها المطر
ما للفؤاد سوى ذكراكم وطر
إن سار صحبي لم أملك تذكرهم
أو عرسوا فهموم النفس والسهر
Bog aan la aqoon