Nass Wa Ijtihad
النص والإجتهاد
Noocyada
وإذا كان خائفا من المنافقين ان يقدحوا في صحة ذلك الكتاب، فلماذا بذر لهم بذرة القدح، حيث عارض ومانع وقال: " هجر " ؟ ! وأما قولهم في تفسير قوله: " حسبنا كتاب الله ": انه تعالى قال: (ما فرطنا في الكتاب من شئ) وقال عز من قائل: (اليوم اكملت لكم دينكم) فغير صحيح، لان الايتين لا تفيدان الامن من الضلال، ولا تضمنان الهداية للناس، فكيف يجوز ترك السعي في ذلك الكتاب اعتمادا عليهما ؟ ولو كان وجود القرآن العزيز موجبا للامن من الضلال، لما وقع في هذه الامة من الضلال والتفرق ما لا يرجى زواله (1). وقالوا في الجواب الاخير: ان عمر لم يفهم من الحديث ان ذلك الكتاب سيكون سببا لحفظ كل فرد من امته من الضلال، وانما فهم انه سيكون سببا لعدم اجتماعهم - بعد كتابته - على الضلال. (قالوا): وقد علم رضي الله عنه ان اجتماعهم على الضلال مما لا يكون أبدا، كتب ذلك الكتاب أو لم يكتب ولهذا عارض يومئذ تلك المعارضة. وفيه مضافا إلى ما أشرتم إليه: ان عمر لم يكن بهذا المقدار من البعد
---
(1) وأنت تعلم ان النبي صلى الله عليه وآله لم يقل: ان مرادى أن اكتب الاحكام، حتى يقال في جوابه: حسبنا في فهمها كتاب الله تعالى ولو فرض ان مراده كان كتابة الاحكام، فلعل النص عليها منه كان سببا للامن من الضلال، فلا وجه لترك السعي في ذلك النص اكتفاء بالقرآن، بل لو لم يكن لذلك الكتاب الا الامن من الضلال بمجرده لما صح تركه والاعراض عنه اعتمادا على ان كتاب الله جامع لكل شئ. وأنت تعلم اضطرار الامة إلى السنة المقدسة وعدم استغنائها عنها بكتاب الله وان كان جامعا مانعا، لان الاستنباط منه غير مقدور لكل أحد، ولو كان الكتاب مغنيا عن بيان الرسول لما أمر الله تعالى ببيانه للناس، إذ قال عز من قائل: (وأنزلنا اليك الذكر لتبين للناس ما أنزل إليهم) (منه قدس).
--- [162]
Bogga 161