فبين بقوله: (المحصنات) أنهن العفائف، ثم قال: ?من المؤمنات ?، فلم يبح تزويج المحصنات، إلا أن يكن مؤمنات، ولا المسلمات، إلا أن يكن محصنات فكيف يبيح نكاح المحصنات اللاتي غير مؤمنات!؟ هذا من أمحل المحال، هو سبحانه يحرم نكاح من كان متسميا باسم الإسلام إذا كان زانيا [68أ-ب] فكيف يحل نكاح المشركات، وإن كن محصنات، والله سبحانه لم يبح نكاح محصنة إلا أن تكون مؤمنة، ولا نكاح مسلمة إلا أن تكون من المحصنات، فإذا اجتمعا في امرأة جاز نكاحها وإذا افترقا كان النكاح فاسدا. وقد قال الذين زعموا أن الآية التي في البقرة نسختها الآية التي في المائدة [8ب-أ ] أن حذيفة تزوج يهودية، وأن عمر أمره بفراقها على حد التنزيه، وزعموا وذكروا أن طلحة تزوج نصرانية، وهذان خبران لا أدري ما هما غير أني أحببت ذكرهما لما قدمت، وذكروا أيضا أن عثمان تزوج نائلة بنت الفرافصة الكلبية، وهي نصرانية، وهذا عندي عن عثمان ليس بصحيح، لأحاديث عارضته يذكر فيها إسلام أبيها (وإسلام أمها) وإسلامها قبل تزويج عثمان لها، ومما يفسد هذه الأحاديث عندي كعب بن مالك ، وما أراد من تزويج امرأة من أهل الكتاب، وسؤاله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن ذلك ونهيه إياه عنه، وقد قيل: إنه قال له: إنها لا تحصنك، ولا أدري ما هذه اللفظة الزائدة، وزعموا أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم [4ب-ج] (رجم يهوديا ويهودية).
وقد بلغني عن ابن عباس رضي الله عنهما وغيره ما يفسد قولهم [18/1] أنهم أجمعوا على تحريم نساء أهل الكتاب إذا كن حربا، والآية التي احتج بها من احتج فإنها جاءت مبهمة لم يبين فيها سلم من حرب، فهذا مما يفسد عليهم قياسهم الأول، إذا كانوا يعملون بظاهر الكتاب ومخرج اللفظ.
Bogga 48