[الفدية ]
قال عبد الله بن الحسين صلوات الله عليهما: وقد اختلفوا أيضا في الفدية، فقال كثير من الناس: يكتفي في الفدية بمدبين الغداء والعشاء، لكل مسكين.
وقال آخرون: مدين: مد للغداء، ومد للعشاء، وهذا قولنا وبه نأخذ.
وأما قوله تعالى: ?فمن تطوع خيرا فهو خير له? [البقرة:184] فهذا حض على التطوع، ودلالة على الخير، وقد قال بعض العلماء: أنه أراد من [7أ-أ] تصدق على مسكين لكل يوم أفطره، فهو خير له، ولعمري إن إطعام اثنين خير من إطعام واحد!
وقالت الفرقة الرابعة في الحامل والمرضع إذا خافتا على أولادهما: عليهما الإطعام، ولا قضاء عليهما، ذكر ذلك عن ابن عباس، وإبراهيم والحسن وعطاء والضحاك بن مزاحم وغيرهم، وقال من خالف هذه [67أ-ب] الفرقة: عليهما القضاء، ولا إطعام عليهما، وبهذا القول نقول، وبه نأخذ، لمعان سأذكرها إن شاء الله تعالى، منها: ما قد أجمع عليه العلماء قالوا جميعا: إنه من دخل عليه شهر رمضان وعليه دين من رمضان أو كله، أن عليه أن يصوم رمضان الداخل، ويطعم لكل يوم مسكينا عدد ما أفطر.
ومن الحجة في ذلك أن الله حكم في التارك للصوم من عذر بحكمين، فحكم بالفدية في آية، وحكم بالقضاء في آية أخرى، فلما أن لم يجد ذكر الحامل والمرضع مسمى في آية واحدة، جمعناهما جميعا عليهما القضاء والإطعام، وكان ذلك الصواب عندنا والاحتياط.
وقد بلغني عن أنس بن مالك أنه قال: [15/1] أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في إبل لجار لي أخذت فوافقته وهو يأكل، فدعاني إلى طعامه فقلت: إني صائم، فقال: ادن أخبرك عن ذلك فقال:" إن الله وضع عن المسافر الصوم، وشطر الصلاة، وعن الحامل والمرضع"، فكان بعد ذلك يتلهف ويقول: إلا أكلت من طعام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين دعاني.
Bogga 44