وبلغني من حيث أثق [13/1] (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم [66أ-ب] سافر لثاني عشرة ليلة من شهر رمضان، فأفطر طوائف من الناس، وصام طوائف، فلم يعب أحد منهم على أحد).
وقد بلغني أيضا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم [14/1] أنه مر في بعض أسفاره [3ب-ج] فرأى رجلا قد اجتمع الناس فظللوا عليه، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ما هنا؟
فقالوا: رجل صائم.
قال: ((ليس البر أن تصوموا في السفر)).
والحجة (في هذا ) عندنا قوية كبيرة. قال الله سبحانه في مثل هذا: ?يريد الله بكم اليسر? [البقرة:185] [6ب-أ] . فمن اليسر أن لا يكلف أحد إلا طاقته، والدين كله يسر لا عسر فيه.
وقالت الفرقة الثالثة: أنه ليس على الشيخ الكبير فدية، ولا على الشيخة، وقالوا: إن استطاع الصوم صام، وإن لم يستطع أفطر، ولا شيء عليه.
وممن روى عنه هذا أنس بن مالك، وقالوا: إنما أوجب الله الفدية قبل النسخ على المطيقين دون غيرهم، وخيرهم بين أن يصوموا أو يطعموا.
فقال: ?وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين? [البقرة:184] ، ثم نسخ الفدية عنهم وألزمهم الصوم، وسكت عمن لا يطيق فلم يذكره في الآية، فصار فرض الصيام زائلا عمن لا يطيقه كما زال فرض الحج عمن لا يطيقه، وكما زالت الزكاة [66ب-ب] عن المعدمين.
قال عبد الله بن الحسين صلوات الله عليهما: وهذا عندي قول فاسد، قاسوه على غير قياس؛ لأن الزكاة والحج لا يقاسان بالصيام، فرق الله بين ذلك في كتابه، وفرقته السنة، وذلك أن الله أوجب في كتابه على كل من حال بينه وبين الصيام بالفدية والقضاء، وكذلك سبحانه جعل التراب بدلا من الماء، لمن حال بينه وبين الماء، ولم يجعل من الزكاة ولا من الحج بدلا، إذا لم يقدر عليهما، فكيف يستوي المعنيان، وتشتبه السنتان؟
Bogga 43