[الإطاقة ومتى تجب الفدية ولمن ]
قال عبد الله بن الحسين صلوات الله عليهما: وقد اختلف العلماء في هذه الآية على فرقتين سأذكرهما، وما به نأخذ منها إن شاء الله تعالى.
قال الله سبحانه: ?وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين? [البقرة:184] ؛ فقال قوم: إنما كانت الإطاقة عندهم أن الرجل والمرأة كانا يصبحان صائمين، ثم من شاء منهما أفطر [3أ-ج] وأطعم لذلك اليوم مسكينا حتى نسخ الله هذه الآية بالآية التي بعدها وهي قوله: ?فمن شهد منكم الشهر فليصمه? [البقرة:185] فلما نزلت هذه الآية لم يكن لأحد أن يفطر، وهو يطيق الصوم في حضره.
وقالت هذه الفرقة: أن هذه الآية نسخت التي قبلها.
وقالت الفرقة الأخرى: أن هذه الآية محكمة، يعنون الأولى ليست بمنسوخة، وإنما أراد الله [5ب-أ] بقوله: ?وعلى الذين (لا) يطيقونه? فحذف (لا) استخفافا، وكذلك العرب [65أ-ب] تحذفها، وهي تريدها، وتصل بها الكلام وهي لا تريدها.
قال الله عز وجل في صلتها وهو لا يريدها: ?لئلا يعلم أهل الكتاب ألا يقدرون على شيء من فضل الله وأن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم? [الحديد:29] .
وقال الشاعر:
بيوم جدود لا فضحتم أباكم .... وسالمتم والخيل تدمي شكيمها
فقال: لا فضحتم أباكم، وإنما أراد فضحتم أباكم، فجعل (لا)، ها هنا صلة.
وأما ما طرحها منه وهو يريدها فقوله تعالى: ?لا أقسم بيوم القيامة? [القيامة:1] . وقوله: ?لا أقسم بهذا البلد? [البلد:1] . فأسقط الألف وهو يريدها؛ لأن المعنى: آلا أقسم بهذا البلد، وهذا كثير في كتاب الله، وفي أشعار العرب.
قال الشاعر:
نزلتم منزل الأضياف منا .... فعجلنا القرى أن تشتمونا
فقال: أن تشتمونا، وهو يريد: ألا تشتمونا، فحذف (لا) استخفافا.
Bogga 41