وكذلك بلغني [7/1] أنه كان كتب على الذين من قبلهم على ما ذكرنا أن لا يأكلوا، ولا يشربوا بعد النوم، فأما قوله: ?كنتم تختانون أنفسكم...?الآية فإنه بلغني عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه أطال السمور ثم دخل على زوجته فوجدها قد نامت فدعاها إلى فراشه، فقالت: إني قد رقدت.
فلم يصدقها وواقعها، فشكى ذلك إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيمن شكى وقد ذكرت خبرهم بدءا، وقد قيل: إنه عمر بن الخطاب، وإنه قال: يا رسول الله، أعتذر إليك من نفسي هذه الخاطئة.
قال: وما ذاك يا عمر؟
قال: يا رسول الله، إني رجعت إلى أهلي بعد أن صليت العشاء، وقد حرم الجماع، فزينت لي نفسي فأتيت المرأة.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ((لم تك جديرا يا عمر بذلك)).
فقام آخرون فشكوا إلى النبي بمثل ما شكى عمر، فنزلت الآية: ?علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم?. وكان ممن فعل مثل ذلك كعب بن مالك الأنصاري [5أ-أ] ، وكان أيضا شيخا من الأنصار كبير السن يقال له: صرمة بن مالك جاء إلى أهله عشاء، وهو صائم فدعا بعشائه.
فقالوا: امهلنا حتى نصنع لك طعاما سخنا تفطر عليه، فوضع الشيخ رأسه فنام فجاؤوه بطعامه، فقال: قد كنت نمت، فلم يطعمه، فبات ليلته يتصلق ظهرا وبطنا، فلما أصبح أتى إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأخبره بخبره فأنزل الله [64ب-ب] سبحانه هذه الآية التي ذكرت أنها نسخت ما قبلها، وقال فيها: ?وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر? [البقرة: 187] .
فلما أن تلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الآية قام إليه رجل فقال: يا رسول الله، رأيت الخيط الأبيض من الخيط الأسود؟ هما الخيطان: الأبيض والأسود.
فقال: رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ((إنك لعريض القفى هما الليل والنهار)).
Bogga 40