الذي أخذه مقيدا إلى جدة ، وربطه بحجر كبير وأغرقه في بحرها ، فأكلته الأسماك بعد ما قتل ما شاء الله من العباد (19).
وكان يرافق حسين الكردي بأسطوله الذي أقلع به من مصر إلى الهند ، وعرج به إلى اليمن أعداد كثيرة من الجراكسة ، تمكنوا من إنشاء إمارة صغيرة في زبيد ، ودخلوا صنعاء عام (923 ه 1517 م)، واستولى برسباي على تعز في 6 صفر 923 ه 1517 م ، واستمر يحكمها حتى مات بزبيد في جمادى الآخرة سنة 923 ه 1517 م ، وخلفه أمير جركسي آخر اسمه إسكندر (20).
وكان هؤلاء الجراكسة في اليمن قد قصدوا المتوكل على الله شرف الدين يحيى بن شمس الدين ابن الإمام المهدي أحمد بن يحيى الآنف الذكر ، فوقع الصلح على بقاء الجراكسة في صنعاء ، والإمام في حصن ثلا ، واشترط الجراكسة ملاقاة الإمام الذي استشار أصحابه فأشير عليه بعدم ذلك ، لما جبل عليه أولئك الجراكسة من المكر والغدر ففعل ، فلما علم الجراكسة ذلك عادوا إلى القتال فلم يظفروا بطائل.
ولما علموا باستيلاء السلطان سليم على مصر عرض زعماؤهم الطاعة للسلطان وذكروا اسمه في الخطبة ، وكفوا عن مقاتلة الإمام المتوكل ، ورجعوا عما كانوا فيه من القتال بعد عبثهم باليمن ، وقتلهم النفوس البريئة ، وهتكهم الحرم ونهبهم الأموال.
وانفرد الإمام المتوكل بالحكم فدانت له صنعاء وبلادها ، وصعدة وما بينهما من المدن ، ثم وسع حدوده بعد مقتل عامر الثانى ، فافتتح من بلاد بني طاهر التعكر وقاهرة تعز وحراز (21).
وكذلك فإن أكثر الانكشارية الذين رافقوا السلطان سليما إلى مصر ، قصدوا اليمن ، فمنهم من أنشأ هناك حكما خاصا به ، ومنهم من اتفق مع الجراكسة في الحكم ، وكانوا بصورة متلاحقة في صراع فيما بينهم وبين الأئمة المحليين.
Bogga 19