73

وسرى العبث بالموت من الكبار إلى الصغار، وكما يتسابق المئات من الرجال والنساء إلى ساحة الإعدام وقف منذ أيام عشرة من الصبيان والبنات يلعبون «بالمشنقة».

ولما كانوا أناسا ولهم من العسف ما للناس فتشوا عن فريسة «مستضعفة»، فوقع اختيارهم على زرزور مسكين ربطوا يديه ورجليه، ثم علقوه بخيط إلى شجرة، وهموا بشده على عنقه. وبإشارة خفية من «الزعيم» رفع الأولاد أيديهم وأخذوا يصرخون: الرحمة! الرحمة! فترة كان فيها «الجلاد» قد شد الخيط، فقضى الزرزور المسكين، فقال الزعيم البارد لطالبي العفو: لقد فات الأوان.

وانتهت الرواية بضحك شديد فسر لي قساوة الإنسان ذي الأنياب والمخالب.

قصة تافهة وعادية ... ولكن كم هي شبيهة بحكاية الجلادين الحقيقيين يسلمهم القضاء أعناق الناس، فيلعبون بها كما يلعب الأولاد بالمشنقة.

من المسئول؟ من المسئول؟

هو دوي يجيش منذ أيام في أذني، وله في كل ساعة طنين ورنين.

أفتح اليوميات فأقرأ أخبار «موسم الإعدام».

وأفتح الجرائد المصورة فأرى رسوم المشنوقين تتوالى عددا بعد عدد، وأفتح اللطائف المصرية فإذا الرسوم قد قطعت البحار وتصدرت في صفحاتها.

يا لفظاعتك أيتها الآلات الخاطفة لأسرار الموت وأسارير المجرمين المرعبين! يا لقساوتك أيتها القلوب المتفرجة! وأنت أيتها الأيدي الباردة التابعة حركات الحبال ربطا وتعقيدا، وخطوات المشنوقين صعودا وهبوطا، ثم صعودا وهبوطا! •••

من المسئول؟ من المسئول؟

Bog aan la aqoon