من المسئول؟
... ورفع نائف الكلاس إلى المشنقة فانقطع به الحبل، فأمر بحبل ثان، وعاد الجلاد إلى عملية القياس والربط والتعقيد ... والمجرم الذي مات مرة ينظر ويسمع ... ورأى من لا جلد لهم على تهدئة ألسنتهم مجالا لإبداء الآراء، فبدءوا يتفلسفون بالكيفية والنوعية.
ورأى المصورون فرصة ثمينة، فصوبوا الفوهات الأمينة لخطف السر، سر عذاب المجرم الرهيب.
والتصق نايف بالأرض وأخذ يبكي ويبكي ويبكي، والمتفرجون ينادون ببرودة عاجزة: العفو! العفو! والبعض يودون لو يسرع الجلاد فيهدأ خفقان قلوبهم؛ لأن هؤلاء المبكرين قبل الفجر للارتواء من منظر النطع يخافون على قلوبهم الغضة من ضربة سريعة ...
وظل المسكين لاصقا بالأرض، وتحول بكاؤه إلى نحيب فشهيق، وتلك الساحة تغص برجال تحجرت فيهم الحياة فسمروا في أماكنهم، فما فيهم جريء تغلي فيه دماء الرحمة والشباب فيكهرب من حوله من الرجال فيحتملون المجرم ويسيرون به هازجين بطلب الرحمة.
الرحمة! الرحمة! تمتم القوم يوم وقف قاتل الخمسة أمام القضاء، وأخذ يحكي ببساطة الأطفال حكاية بؤسه وشقائه.
كيف قتل أخوه وبقي القاتل حرا طليقا، وكيف كان والد القاتل يقطع أوصاله بأنواع الظلم والقسوة، وكيف رآه يوما يضحك من عجزه ويعبث بقلبه المكلوم، فثار جنونه وقتله وهو لا يدري كيف قتله، ومن قتل معه؟!
وسار المسكين إلى الإعدام وحوله كهان صلاح يسندون قواه ويحثونه على طلب الرحمة بكل ما حفظوا من أقوال إله المحبة.
لعلهم شعروا بجرم ذلك الكاهن فجاءوا يكفرون أمام الله وأمام الناس؟
وبكى ذلك المسكين ثم بكى وطلب الرحمة؛ لأنه غير مسئول. •••
Bog aan la aqoon