فصل: [في أقسام المتعدي]
اعلم أن الفعل المتعدي أربعة أقسام:
أولها: يتعدي إلى مفعول واحد، مثل: «ضَرَبَ زَيْدًا عَمْرًا».
وثانيها: يتعدي إلى مفعولين، يجوز فيه الاقتصار على أحدهما، مثل: «أَعْطَى» وما في معناه (١) نحو: «أَعْطَيْتُ زَيْدًا دِرْهَمًا»، يجوز «أَعْطَيْتُ دِرْهَمًا» أيضًا.
وثالثها: يتعدي إلى مفعولين (٢) ولا يجوز الاقتصار على أحدهما، وهذا في أفعال القلوب (٣) مثل: عَلِمْتُ، وظَنَنْتُ، وحَسِبْتُ، وخِلْتُ، وزَعَمْتُ، ورَأَيْتُ، ووَجَدْتُ (٤)، نحو: «عَلِمْتُ زَيْدًا فَاضِلًا»، و«ظَنَنْتُ زَيْدًا قَائِمًا».
_________
(١) هذه الأفعال تنصب مفعولين ليس أصلها مبتدأ وخبرا، وتسمى أفعال المنح أو المنع منها: أعطى وسأل، ومنح، وكسا، وألبس، وعلم، مثل: منحت المجتهد جائزة، منعت الكسلان التنزه، كسوت الفقير ثوبًا، ألبست المجتهد وسامًا، علمت الطلاب الأدب.
(٢) تنصب مفعولين أصلهما مبتدأ وخبر أي تدخل على الجملة الاسمية، فتنصب المبتدأ والخبر مفعولين لها.
(٣) وكذلك في أفعال التحويل: وهي الأفعال التي تكون بمعني صير وهي سبعة: صير، ورد، وتخذ، واتخذ، وجعل، ووهب، وترك، مثل: صيرت العدو صديقا، وقول الشاعر:
«فَرَدَّ شُعُورَهُنَّ السُّودَ بِيْضًا ... وَرَدَّ وُجُوهَهُنَّ البِيْضَ سُوْدَا».
[قاله عبد الله بن الزبير الأسدي؛ نقله أَبو تَمَّام في «ديوان الحماسة» (٣٩٠)]
«وَرَبَّيْتُهُ حَتَّى إِذَا مَا تَرَكْتُهُ ... أَخَا الْقَوْمِ وَاسْتَغْنَى عَنِ الْمَسْحِ شَارِبُهْ».
[قاله فرعان بن الأعرف؛ نقله أَبو تَمَّام في «ديوان الحماسة» (١٨٤)]
وقوله تعالى: «وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْرَاهِيْمَ خَلِيْلًا» [القرآن الكريم، سورة النساء (٤): ١٢٥]، وتخذت محمدًا صديقًا، وقوله تعالى: «فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنْثُوْرًا» [القرآن الكريم، سورة الفرقان (٢٥): ٢٣]، ووهبني الله فداء المخلصين.
(٤) أفعال القلوب نوعان: نوع يفيد اليقين: وهي: رأي، وعلم، ودري، وتعلم، ووجد، وألفي، مثل:
«رأيت الله أكبر كل شيء ... محاولة وأكثره جنودا».
[نقله ابن الجواليقي في «شرح أدب الكاتب لابن قتيبة» (١٨)]
وقوله تعالى: «فَإِنْ عَلِمْتُمُوْهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ» [القرآن الكريم، سورة الممتحنة (٦٠): ١٠].
وقول الشاعر:
«دريت الوفى العهد يا عمرو فاغتبط ... فإن اغتباط بالوفاء حميد».
وقول الشاعر:
«تعلم شِفَاء النَّفس قهر عدوها ... فَبَالغ بلطف فِي التحيل وَالْمَكْر».
[نقله عبد القادر البغدادي في «خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب» (٩/ ١٢٩)]
وجدت الصدق زينة العقلاء وألفيت قولك صوابًا ... ونوع يفيد الظن وهي تفيد رجحان وقوع الشيء وهي نوعان:
١ - نوع للظن واليقين؛ وهي: ظن، حسب، خال.
٢ - ونوع للظن فقط؛ وهي: جعل، مثل: قوله تعالى: «وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِيْنَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا» [القرآن الكريم، سورة الزخرف (٤٣): ١٩]، وحجا، مثل قوله:
«قد كنت أحجو أبا عمرو أخا ثقة ... حتى المت بناء يومًا ملمات».
وعد، مثل:
فلا تعدد المولى شريكك في الغنى.
وزعم، مثل:
«زعمتني شيخا ولست بشيخ ... إنما الشيخ من يدب دبيبًا».
وهب بلفظ الأمر، مثل:
«فقلت أجرني أبا خالد ... وإلا فهبني أمراء هالكًا».
1 / 25