عسى المجرى إلى الغاية أن يجرى إليها (1) حتى يبلغها ، وما عسى أن يكون بقاء من له يوم لا يعدوه؟ وطالب حثيث يحدوه فى الدنيا حتى يفارقها (2)؟ فلا تنافسوا فى عز الدنيا وفخرها ، ولا تعجبوا بزينتها ونعيمها ، ولا تجزعوا من ضرائها وبؤسها ، فإن عزها وفخرها إلى انقطاع ، وإن زينتها ونعيمها إلى زوال وضراءها وبؤسها إلى نفاد (3)، وكل مدة فيها إلى انتهاء ، وكل حى فيها إلى فناء ، أوليس لكم فى آثار الأولين مزدجر (4) وفى آبائكم الأولين تبصرة ومعتبر ، إن كنتم تعقلون؟! أولم تروا إلى الماضين منكم لا يرجعون؟ وإلى الخلف الباقين لا يبقون؟ أولستم ترون أهل الدنيا يصبحون ويمسون على أحوال شتى : فميت يبكى ، وآخر يعزى ، وصريع مبتلى ، وعائد يعود ، وآخر بنفسه يجود (5) وطالب للدنيا والموت يطلبه ، وغافل وليس بمغفول عنه؟؟!! وعلى أثر الماضى ما يمضى الباقى ألا فاذكروا هاذم اللذات ، ومنغص الشهوات ، وقاطع الأمنيات ، عند المساورة للأعمال القبيحة (6) واستعينوا الله على أداء واجب حقه ،
Bogga 192