اخذت ثلاثين ألف درهم، قال البيهقي رحمه الله تعالى، وكان للبرامكة في الكرم ما لم
يكن لأحد من الناس، وكانوا يخرجون بالليل سرًا ومعهم الموال فيتصدقون بها وربما دقوا على الناس أبوابهم فيدفعون إليهم الصرة فيها ما بين الثلاثة الآلاف إلى الخمسة الآلاف.
حكاية: قال خالد بن صفوان دخلت يومًا على السفاح وهو خالي المجلس، فقلت يا أمير المؤمنين إن رأيت أن تأمر بحفظ الستر لألقي إليك شيئًا أنصحك به فأمر بذاك فقلت يا أمير المؤمنين فكرت في هذا الأمر الذي ساقه الله إليك ومن به عليك فرأيتك أبعد الناس من لذاته وأتعب الخلق فيه، قال وكيف ذلك يا خالد قلت باقتصارك من الدنيا على امرأة واحدة وتركك البيض الخرائد الحسان، فقال يا خالد إن هذا أمر ما مر في سمعي فاستأذنه في الانصراف فأذن له وخرجت إليه أم سلمة وهو ينكت بالقلم على دواة بين يديه، فقالت يا أمير المؤمنين أراك مفكرًا فما الحال أسمغت خبرًا يحزنك؟ قال كلا ولكن كلام ألقاه إليّ خالد بن صفوان فيه نصيحتي وشرح لها ذلك. قالت فما قلت لابن الزانية؟ قال ينصحني وتشمتينه، فقامت عنه وبعثت إلى مائة من مواليها فقالت لهذا اليوم اتخذتكم وأعددتكم امضوا فإذا وجدتم خالد بن صفوان فاهووا إلى أعضائه عضوًا عضوًا فرضوها فطلبت ومررت بقوم أحدثهم إذ أقبل القوم فدخلت في جملتهم ولجأت إلى دار ووقعت البغلة فرضوها بالأعمدة وبقيت لا تظلني سماء ولا تقلني أرض وإني لجالس ذات يوم إذ هجم عليّ قوم، فقالوا أجب أمير المؤمنين فقمت ولا أملك من نفسي شيئًا حتى دخلت عليه وهو جالس وأنا أسمع حركة من وراء الستر فقلت أم سلمة والله؟ فقال يا خالد من أين ترى قلت كنت في علة لي، ثم قال الكلام الذي كنت ألقيته لي في بعض الأيام أعده عليّ قلت نعم يا أمير المؤمنين إن العرب اشتقت اسم الضرر من الضرتين فإن الضرائر أشد الذخائر والإماء آفة المنازل ولم يجمع رجل بين امرأتين إلا كان بين جمرتين تحرقه واحدة بنارها وتلحقه الأخرى بشرارها قال ليس هو هذا قلت بلى قال ففكر قلت نعم يا أمير المؤمنين وأخبرتك أن الثلاث يتغايرن فلا يصبرن، قال لا والله ما هذا قلت يا أمير المؤمنين وأخبرتك أن الأربع همّ ونصب وضجر وصخب إنما صاحبهن بين حاجة تطلب وبلية تترقب إن خلا بواحدة منهن خاف شر الباقيات وكنا له أعدى من الحيات، قال لا والله ما هو هذا قلت بلى وأخبرتك أن بني مخزوم ريحانة العرب
1 / 45