هرمس في حسابه
أو في الفقه فأنت علي بن أبي طالب ﵁ في علمه وإن ذكر السخاء كنت حاتمًا في جوده أو الصدق فأنت أبو ذر في صدق لهجته أو الكرم فأنت كعب في إيثاره على نفسه أو الوفاء فأنت السموأل بن عادياء في وفائه فاستحسن قوله وتهلل وجهه، وكان المأمون ماهرًا في جميع الفنون كاشفًا عن كل سر مكنون.
حكاية: قال أبو عبد الله أحمد بن أبي داود كان المأمون يبطل الرؤيا ويقول ليست بشيء ولو كانت على الحقيقة كنا نراها ولا يسقط منها شيء فلما رأينا أن ما يصح منها الحرف أو الحرفان من الكثير علمنا أنها باطلة وإن أكثرها لا يصح، وكان بعث العباس ابنه إلى بلاد الروم وأبطأ عليه خبره فصلى ذات يوم الصبح ونام قليلًا وانتبه ودعا بدابته وركب، وقال أحدذكم بأعجوبة رأيت الساعة كأن شيخًا أبيض الرأس واللحية عليه فروة وكساء في عنقه ومعه عصا وفي يده كتاب فدنا مني وقد ركبت فقلت من أنت قال رسول العاباس بالسلامة ناولني كتابه قال المعتصم أرجو الله أن يحقق رؤيا أمير المؤمنين ويبشره بالسلامة ثم نهض فوالله ما هو إلا أن خرج فسار قليلًا وإذا بشيخ قد أقبل نحوه في تلك الحال فقال المأمون هذا والله الذي رأيته في منامي وهذه صفته قال فدنا منه الرجل فنحاه خدمه وصاحوا به فقال دعوه فجاء الشيخ فقال من أنت؟ قال رسول العباس وهذا كتابه قال فبهتنا وطال منا تعجبنا فقلت يا أمير المؤمنين أتبطل الرؤيا بعد هذا قال لا.
حكاية: قال يوسف بن سلام الزعفراني حدثني أبي قال: قال خالد بن برمك يومًا وهو بالري وأراد الخروج إلى مجلس له وأخرج دوابه إلى الحضرة ونحن قيام بين يديه فقال من يخرج مع هذه الدواب. قال أبي أنا وليس أحد يجترئ أن يتكلم فقال اخرج معها فخرجت معها وكنت أحسن إليها، فلما رددتها حمد أثرى فيها فقلت أيها الأمير لي حاجة، قال وما حاجتك؟ قلت أمي مملكوة لقوم بالبصرة وحاجتي أن يشتريها الأمير، وقال وكم ثمنها؟ قلت ثمنها ثلاثة آلاف درهم، قال أعطوه ثلاثة آلاف درهم وقال لي اشتر أمك وأعتقها، ثم قال ما تريد؟ قلت الحج وتحج أمي معي، قال أعطوه ثلاثة آلاف درهم، قلت نحتاج إلى خادم يخدمنا، قال أعطوه ثلاثة آلاف لثمن الكسوة قال فلم أزل أقول وأعد شيئًا شيئًا حتى قلت وأحتاج إلى منزل وأحتاج إلى فرس وهو يقول أعطوه ثلاثة آلاف درهم حتى
1 / 44