الوهم الثاني: في جعله تكرار اللفظ معيبا مطلقا ونعم قد رأيت ذلك في مدة قديمة في عمدة بن رشيق أو في "المثل السائر" لابن الأثير وأغلب ظني أنه في الأول ولكن صاحب العمدة يذكر طرفا من النوع البياني ولا يستوفي أقسامه، وإنما المعتمد في ذلك كلام أئمة الإعجاز واستعمال البلغاء السابقين في حلبة الحقيقة والمجاز فنقول اتفق البيانيون على ان التكرير لغير نكتة تطويلا لا إطنابا وعليه [192-أ]يحمل كلام ابن رشيق؛ واتفقوا على أن التكرير لنكتة من قسم الأطناب جاء في القرآن والسنة وكلام البلغاء قال الله [] تعالى {كلا سوف تعلمون، ثم كلا سوف تعلمون}[التكاثر:3-4] فنكتة التكرير تأكيد الإنذار وفي "ثم" دلالة على أن الإنذار الثاني أبلغ. وقال الله تعالى: [ ]{قال الذي آمن ياقوم اتبعوني أهدكم سبيل الرشاد، ياقوم إنما هذه الحياة الدنيا متاع}[غافر:38-39] فنكتة التكرير هنا التنبيه على ما ينفي التهمة وزياد إيقاظ عن سنه الغفلة ليكمل تلقي الكلام بالقبول إذا الرجل لا يريد لقومه إلا ما يريد لنفسه، وقد تكون النكتة زيادة إظهار الإبتهاج والتلذذ بذكر المحبوب نحو اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد؛ ومنه تكرير الزهر في البيت لأنه من الطيب الذي قال رسول الله صلىالله عليه وآله وسلم: [ ]((حبب إلي من دنياكم النساء والطيب)) (1) وكل ما أحبه النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- محبوب إلىكل مؤمن بل قد جاء عن العشاق ما هو أعجب من ذلك قال الشاعر:
أحب لخالها السودان حتى ... أحب لحبه سود الكلاب
Bogga 286