قال: لم يبق فائدة من ذلك؛ لأني شفيت، فتفضل بإرسال بيان حسابك.
قال: بل أزورك في كل يوم إلى أن تنجلي لي الحقيقة. - وأنا حر في منزلي، فلا تستطيع معالجتي بالرغم عني؛ ولذلك أمنعك عن زيارتي. - ذلك سهل قوله، ولكنك لا تفعله. - لماذا؟ - لأنه يوجد معي طلسم أفتح به باب منزلك حين أشاء، وهو هذا.
وقد أخذ من جيبه الرصاصة التي أخرجها من كتفه وأراه إياها، وهي داخل لفافة من الورق .
فقال له: ما هذا فإني لا أرى؟
قال: هي الرصاصة التي أخرجتها من كتفك؛ فقد وضعتها في جيبي عرضا، وحسنا فعلت؛ لأنك كنت أتلفتها كما فعلت بملابسك، أما إذا بقيت معي فلا خطر عليها من التلف أو الضياع، أتعلم عما أبحث الآن؟ إني أبحث عن المسدس التي خرجت منه الرصاصة، وسأجده لا محالة.
فتلعثم لسانه من الرعب حتى لم يعلم ماذا يجيب، وتركه جيرار على هذه الحالة وذهب من فوره إلى مركز النيابة، ولم يكن قاضي التحقيق هناك فلقي الكاتب، وقال له: هل يمكن أن أرى المسدس الذي وجد في مركبة فولون؟
قال: ذلك سهل.
وقام فأعطاه مسدس القتيل وعاد إلى عمله، ففحصه جيرار، وأدخل فيه الرصاصة التي أخرجها من كتف داغير فأيقن أنها خرجت من المسدس نفسه، وأعاده إلى الكاتب ثم شكره وانصرف، وقد استحال شكه إلى يقين.
وفي اليوم التالي عاد إلى داغير فأقفل الباب من الداخل، وجلس على كرسي بجانب سريره، وقال له: لا شك أنك تستطيع أن تشفى الآن من غير معالجتي، وإني مخبرك الآن بما دعاني إلى الإلحاح بزيارتك. - كلي آذان للسمع. - ثم إني مخبرك بما فعلت وبما أريد أن أفعل. - ماذا فعلت؟ - فعلت ما حملني على الوثوق من أن الرصاصة التي أخرجتها من كتفك إنما أطلقت عليك من مسدس المرحوم فولون. - مسدس فولون؟ - نعم؛ فإنه حين شعر بأنه جريح أطلق مسدسه على قاتله، ولكن النيابة تتهم الموسيو بوفور. - وهذا صحيح، ألم يجدوا مسدسه في مكان الحادثة؟ - من أنبأك بذلك؟ - خادمه الذي يخدمني الآن. - هذا أكيد، ولكن ترى ما يقول قاضي التحقيق لو ذهبت إليه فقلت له: «إن الليلة التي قتل فيها فولون وجرح بوفور وجد فيها أيضا جريح ثالث، وإن الطبيب يثبت بالبرهان أن الرصاصة التي أصيب بها كانت من مسدس فولون، وإن هذا الجريح أحرق ملابسه الملوثة بالدماء كي يخفي أثر الجريمة، وإنه سرق حقيبة فولون وأخفاها ومشى يجر نفسه جرا إلى المنزل، فلو لم يدركه الطبيب لكان من الأموات.»
فقال داغير والرعب ظاهر في وجهه: هذا كذب.
Bog aan la aqoon