Murug al-dahab wa-maʿadin al-gawhar

Al-Masuudi d. 346 AH
97

Murug al-dahab wa-maʿadin al-gawhar

مروج الذهب ومعادن الجوهر

وكتب ملك الروم إلى سابوربن أردشير: أما بعد، فقد بلغني من سياستك لجندك، وضبطك ما تحت يدك، وسلامة أهل مملكتك بتدبيرك ما أحببت أن أسلك فيه طريقتك، وأركب مناهجك. فكتب إليه سابور: نلت ذلك بثمان خصال: لم أهزل في أمر ولانهي قط، ولم أخلف وعدا ولا وعيدا قط، وحاربت للغني لا للهوى، واجتلبت قلوب الناس ثقة بلا كره، وخوفا بلا مقت، وعاقبت للذنب لا للغضب، وعممت بالقوت، وحسمت الفضول.

من سابور إلى بعض عماله

ويقال: إن سابور كتب إلى بعض عماله: إذا استكتبت رجلا فأسن رزقه، وشد بصالح الأعوان عضده، وأطلق بالتدبيريده ففي إسناء رزقه حسم طمعه، وفي تقويته بالأعوان ثقل وطأته على أهل العدوان، وفي إطلاقه بالتدبير ما أخافه عواقب الأمور، ثم قفه من أمره على ماله قدمته ليمثله إماما ويحفظه كلاما، فإن وقع أمره بما رسمت فأوله غرضك، وأوجب زيادته عليك، وإن حاد عن أمرك علقته حجتك، وأطلقت بالعقوبة عليه يدك، والسلام.وعهد سابور إلى ولده هرمزومن تلاه من الملوك بعده، فقال: اجعلوا علو أخلاقكم كعلو أخطاركم، وارتفاع كرمكم كارتفاع هممكم، وفضل سعيكم كفضل جدكم.وقيل: إن ملك سابور كان إحدى وثلاثين سنة ونصفا وثمانية عشريوما.

هرمز وبهرام

ثم ملك بعد سابور ابنه هرمز بن سابور الملقب بالبطل، وكان ملكه سنة، وقيل: اثنين وعشرين شهرا، وبني مدينة رامهرمز من كور الأهواز.وكتب إلى بعض عماله: لا يصلح لسد الثغور وقود الجيوش وإبرام الامور وتدبير الأقاليم إلا رجل تكاملت فيه خمس خصال: حزم يتيقن به عند موارد الأمور حقائق مصادرها، وعلم يحجبه عن التهور في المشكلات إلا عند تجلي فرصتها، وشجاعة لا تنقصها الملمات بتواتر جوائحها، وصدق في الوعد والوعيد يوثق بوفائه بهما، وجود يهون عليه بتدبير الأموال في حقها.ثم ملك بعده بهرام بن هرمز ثلاث سنين، وكانت له حروب مع ملوك الشرق.

الزنادقة

وقد ذكرنا أن بهرام أتاه ماني بن يزيد تلميذ قاردون فعرض عليه مذاهب الثنوية فأجابه احتيالا منه عليه إلى أن أحضر دعاته المتفرقين في البلاد من أصحابه الذين يدعون الناس إلى مذاهب الثنوية فقتله، وقتل الرؤساء من أصحابه، وفي أيام ماني هذا ظهر اسم الزندقة الذي إليه أضيف الزنادقة، وذلك أن الفرس حين أتاهم زرادشت بن أسبيمان على حسب ما قدمنا من نسبهفيما سلف من هذا الكتاب بكتابهم المعروف بالبستاه باللغة الأولى من الفارسية، وعمل له التفسير، وهو الزند، وعمل لهذا التفسير شرحا سماه البازند، على حسب ما قدمنا، وكان الزند بيانا لتأويل المتقدم المنزل، وكان من أورد في شريعتهم شيئا بخلاف المنزل الذي هو البستاه، وعدل إلى التأويل الذي هو الزند، قالوا: هذا زندي، فأضافوه إلى التأويل، وأنه منحرف عن الظواهر من المنزل إلى تأويل هو بخلاف التنزيل، فلما أن جاءت العرب أخذت هذا المعنى من الفرس، وقالوا: زنديق، وعربوه، والثنوية هم الزنادقة، ولحق بهؤلاء سائر من اعتقد القدم، وأبى حدوث العالم.

بهرام بن بهرام

Bogga 108