Murug al-dahab wa-maʿadin al-gawhar

Al-Masuudi d. 346 AH
165

Murug al-dahab wa-maʿadin al-gawhar

مروج الذهب ومعادن الجوهر

قال المسعودي: وأشد ما على الأندلس من الأمم المحاربة لهم الجلالقة، كما أن الإفرنجة حرب لهم، غير أن الجلالقة أشد بأسا، وقد كان لعبد الرحمن بن محمد صاحب الأندلس في هذا الوقت وزير من ولد أمية يقال له أحمد بن إسحاق فقبض عليه عبد الرحمن لأمر كان منه استحق عليه في الشريعة العقوبة، فقتله عبد الرحمن، وكان للوزير أخ يقال له أمية في مدينة من ثغور الأندلس، يقال لها شنترين، فلما نمي إليه ما فعل بأخيه عصى على عبد الرحمن؛افصار في حيزرذمير ملك الجلالقة، فأعانه على المسلمين، ودله على عوراتهم، ثم خرج أمية في بعض الأيام من المدينة يتصيد في بعض منتزهاتها، فغلب على المدينة بعض غلمانه ومنعوه من الدخول إليها، وكتبوا إلى عبد الرحمن، ومضى أمية بن إسحاق أخو الوزير المقتول إلى رذمير، فاصطفاه، واستوزره، وصيره في جملته، وغزا عبد الرحمن صاحب الأندلس سمورة مملكة الجلالقة المتقدمة صفة بنيانها وأسوارها في باب جمل الأخبار عن البحار وما فيها وما حولها من العجائب والأمم ومراتب الملوك وأخبار الأندلس وغير ذلك، وكان عبد الرحمن في مائة ألف أو يزيدون، فكانت الواقعة بينه وبين رذمير ملك الجلالقة في شوال سنة سبع وعشرين وثلثمائة بعد الكسوف الذي كان في هذا الشهر بثلائة أيام، وكانت للمسلمين عليهم، ثم أنابوا بعد أن حوصروا وأولجو إلى المدينة فقتلوا من المسلمين - بعد عبورهم الخندق - خمسين ألفا، وقيل: إن الذي منع رذمير من طلب من نجا من المسلمين أمية بن إسحاق، وخوفه الكمين، ورغبه فيما كان في معسكر المسلمين من الأموال والعدد والخزائن، ولولا ذلك لأتى على جميع المسلمين، ثم إن أمية بعد ذلك استأمن إلى عبد الرحمن، وتخلص من رذمير، فقبله عبد الرحمن أحسن قبول، وقد كان عبد الرحمن صاحب الأندلس بعد هذه الواقعة تجهز عساكر مع عدة من قواده إلى الجلالقة، وكانت لهم معهم حروب هلك فيها من الجلالقة ضعف ما قتل من المسلمين في الوقعة الأولى، وكانت للمسلمين عليهم إلى هذه الغاية، ورذمير ملك الجلالقة إلى هذا الوقت - وهو سنة اثنتين وثلاثين وثلثمائة - وكان قبله على الملك أردون وكان قبل أردون أذبوشن، والجلالقة والإفرنجة تدين بدين النصرانية على رأى الملكية.

ذكر النوكبرد وملوكها

نسبهم ومساكنهم

وقد تقدم ذكرنا للنوكبرد، وأنهم من ولد يافث بن نوح، وبلادهم متصلة بالمغرب، ومحلهم الجدي، ولهم جزائر كثيرة فيها أمم من الناس، وهم ذوو بأس شديد ومنعة، ولهم مدن كثيرة يجمعهم ملك واحد، وأسماء ملوكهم في سائر الأعصار أدنكبس والمدينة العظمى من مدنهم ودار مملكتهم هي يست، ويخترقها نهر عظيم، وهي جانبان، وهذا النهر أحد أنهار العالم الموصوفة بالكبر والعجائب يقال له سايبط، قد ذكره جماعة ممن عني بهذا المعنى ممن تقدم، وكان المسلمون ممن جاورهم من بلاد الأندلس والمغرب غلبوهم على مدن كثيرة من مدنهم مثل مدينة باري ومدينة طارنيو ومدينة شبرامة وغيرها من مدنهم الكبار.

ثم إن النوكبرد أنابوا ورجعوا على من كان في تلك المدن من المسلمين فأخرجوهم عنها بعد حرب طويل، وما ذكرنا من المدن في وقتنا هذا - وهو سنة اثنتين وثلاثين وثلثمائة - في أيدي النوكبرد.

قال المسعودي: ومن ذكرنا من الجلالقة والإفرنجة والصقالبة والنوكبرد وغيرها من الأمم فديارهم متقاربة، والأكثر منهم حرب لأهل الأندلس، وصاحب الأندلس في هذا الوقت ذومنعة وقوة عظيمة على ما قدمنا من نسبه وأخباره، وقد كان عبد الرحمن بن معاوية بن هشام سار إلى الأندلس في أول دولة بني العباس، وله أخبار كثيرة في كيفية وصوله إلى الأندلس، ودار مملكة الأندلس قرطبة على ما ذكرنا، ولهم مدن كثيرة وعمائر متصلة واسعة، وثغور في أطراف أرضهم، وربما يجتمع عليهم من جاورهم من الأمم من ولد يافث من الجلالقة وبرجان والإفرنجة وغيرها من الألسن وصاحب الأندلسى في هذا الوقت يركب في مائة ألف، وهو ذو منعة بالرجال والمال والكراع والعدد، والله أعلم.

ذكر عاد وملوكها

عاد الأولى

Bogga 183