Murug al-dahab wa-maʿadin al-gawhar
مروج الذهب ومعادن الجوهر
ذكر الصقالبة ومساكنها وأخبار ملوكها وتفرق أجناسها
نسب الصقالبة وأجناسهم
الصقالبة: من ولد مار بن يافث بن نوح، وإليه يرجع سائر أجناس الصقالبة، وبه يلحقون في أنسابهم، هذا قول كثير من أهل الدراية ممن عني بهذا الشأن، ومساكنهم بالجدي إلى أن يتصلوا بالمغرب، وهم أجناس مختلفة وبينهم حروب، ولهم ملوك، ومنهم من ينقاد إلى دين النصرانية إلى رأي اليعقوبية، ومنهم من لا كتاب له ولا ينقاد إلى شريعة، وهم جاهلية لا يعرفون شيئا من الشرائع، وهؤلاء أجناس: فمنهم جنس كان الملك فيهم قديما في صدر الزمان، وكان ملكهم يدعي ماجك، وهذا الجنس يدعى ولينانا، وكان يتلو هذا الجنس في القديم سائر أجناس الصقالبة، لكون الملك فيهم، وانقياد سائر ملوكهم إليه، ثم يتلو هذا الجنس من أجناس الصقالبة اصطبرانة، وملكهم في هذا الوقت يدعى بصقلائح، وجنس يقال له دلاونة، وملكهم يدعى وانج علاف وجنس يقال لهم نامجين، وملكهم يدعى عزانة، وهذا الجنس أشجع أجناس الصقالبة وأفرس، وجنس يدعى منابن، وملكهم يدعى زنبير، ثم جنس يقال له سرتين وهو جنس عند الصقالبة مهيب لعلل يطول ذكرها وأوصاف يكثر شرحها، ونفرتهم من ملة ينقادون إليها، ثم جنس يقال له صاصين، ثم جنس يقال له جرواتيق، ثم جنس يقال له خشانين، ثم جنس يقال له برانجابين، وما سميناه من أسماء بعض ملوك هذه الأجناس فسمة معروفة لملوكهم، والجنس الذي سميناه المعروف بسرتين يحرقون أنفسهم بالنار إذا مات فيهم الملك والرئيس، ويحرقون دوابه، ولهم أفعال مثل أفعال الهند، وقد قدمنا فيما سلف من هذا الكتاب طرفا من ذكرهم عند ذكرنا لجبل القبخ والخزر، وأن في بلاد الخزر مع الخزر خلقا من الصقالبة والروس، وأنهم يحرقون أنفسهم بالنيران، وهذا الجنس من الصقالبة وغيرهم متصلون بالمشرق، ويعبرون من المغرب.
ملوك الصقالبة
فالأول من ملوك الصقالبة ملك الدير، وله مدن واسعة، وعمائر كثيرة، وتجار المسلمين يقصدون دار ملكه بأنواع التجارات.
ثم يلي هذا الملك من ملوك الصقالبة ملك الأوانج، وله مدن وعمائر واسعة، وجيوش كثيرة، وعدد كثير، ويحارب الروم والإفرنج والنوكبرد، وغير هؤلاء من الأمم، والحرب بينهم سجال.
ثم يلي هذا الملك من ملوك الصقالبة ملك الترك، وهذا الجنس أحسن الصقالبة صورا، وأكثرهم عددا، وأشدهم بأسا.
أجناس الصقالبة
والصقالبة أجناس كثيرة، وأنواع واسعة، لا يأتي كتابنا هذا على وصف أجناسهم وتفريع أنواعهم، وقد قدمنا الأخبار عن الملك الذي كان ينقاد إليه ملوكهم في قديم الزمان، وهو ماجك ملك ولينان، وهذا الجنس أصل من أصول الصقالبة معظم في أجناسهم، وله قدم فيهم.
ثم اختلفت الكلمة بين أجناسهم، فزال نظ أمه م، وتحزبت أجناسهم، وملك كل جنس منهم ملكا على حسب ما ذكرنا من ملوكهم لأمور يطول ذكرها، وقد أتينا على جمل من شرحها وكثير من مبسوطها في كتابنا أخبار الزمان من الأمم الماضية، والأجيال الخالية، والممالك الداثرة.
ذكر الإفرنجة والجلالقة وملوكها وما يتصل بذلك
نسبهم وصفاتهم
الإفرنجة والصقالبة والنوكبرد والأشبان ويأجوج ومأجوج والترك والخزر وبرجان واللان والجلالقة وغير ذلك ممن ذكرنا ممن حل الجدي، وهو الشمال، لا خلاف بين أهل البحث والنظر من الشرعيين أن جميع من ذكرنا من هؤلاء الأمم من - ولد يافث بن نوح وهو الأصغر من ولد نوح؛ فالإفرنجة أشد هؤلاء الأجناس بأسا، وأمنعهم هيبة، وأكثرهم عدة، وأوسعهم ملكا، وأكثرهم مدنا. وأحسنهم نظاما وانقيادا لملوكهم، وأكثرهم طاعة؛ إلا أن الجلالقة أشد من الإفرنجة بأسا، وأعظم منهم نكاية، والرجل من الجلالقة يقاوم عدة من الإفرنجة، وكلمة الإفرنجة متفقة على ملك واحد، لا تنازع بينهم في ذلك، ولا تحزب، واسم دار مملكتهم في وقتنا هذا بويرة ، وهي مدينة عظيمة، ولهم من المدن نحو من خمسين ومائة مدينة غير العمائر والكور.
مساكنهم
Bogga 181