لَا ينازعون فِي الْحسن والقبح إِذا فسر بِمَعْنى الملائم والمنافى أَنه قد يعلم بِالْعقلِ
وَكَذَا لَا يُنَازع كثير مِنْهُم فِي أَنه إِذا عني بِهِ كَون الشَّيْء صفة كَمَال أَو صفة نقص أَنه يعلم بِالْعقلِ
الثَّانِي أَن الْعقل قد يعلم بِهِ حسن كثير من الْأَفْعَال وقبحها فِي حق الله تَعَالَى وَحقّ عباده
وَهَذَا مَعَ أَنه قَول الْمُعْتَزلَة فَهُوَ قَول الكرامية وَجُمْهُور الْحَنَفِيَّة وَقَول أبي بكر الْأَبْهَرِيّ الْمَالِكِي وَأبي الْحسن التَّمِيمِي وَأبي الْخطاب الكلواذي من الْحَنَابِلَة
وَذكر أَبُو الْخطاب أَنه قَول أَكثر أهل الْعلم وَهُوَ وَقَول أبي نصر السجْزِي وَسعد الزنجاني من الْمُحدثين
وَقد تنَازع الْأَئِمَّة فِي الْأَعْيَان قبل وُرُود السّمع فَقَالَت الْحَنَفِيَّة وَكثير من الشَّافِعِيَّة والحنابلة أَنَّهَا على الْإِبَاحَة مثل ابْن سُرَيج وَابْن إِسْحَاق الْمَرْوذِيّ وَأبي الْحسن التَّمِيمِي وَأبي الْخطاب
وَقَالَت طَائِفَة كَأبي عَليّ بن أبي هُرَيْرَة وَابْن حَامِد وَالْقَاضِي أبي يعلى إِنَّهَا على الْحَظْر
مَعَ أَن خلقا يَقُولُونَ إِن الْقَوْلَيْنِ لَا يصحان إِلَّا على أَن الْعقل يحسن ويقبح فَمن قَالَ إِنَّه لَا يعرف بِالْعقلِ حكم إمتنع أَن يصفها قبل الشَّرْع بِشَيْء كَمَا قَالَه الْأَشْعَرِيّ وَأَبُو الْحسن الْجَزرِي وَأَبُو بكر الصَّيْرَفِي وَابْن عقيل
وَأما الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة تنازعوا هَل يُوصف الله بِأَنَّهُ أوجب على نَفسه وَحرم عَلَيْهَا أَو لَا معنى للْوُجُوب إِلَّا إخْبَاره بِوُقُوعِهِ وَلَا معنى للتَّحْرِيم إِلَّا إخْبَاره بِعَدَمِ وُقُوعه
فَقَالَت طَائِفَة بالْقَوْل الثَّانِي وَهُوَ قَول من يُطلق أَن الله لَا يجب عَلَيْهِ شَيْء وَلَا يحرم عَلَيْهِ شَيْء
وَقَالَت طَائِفَة بل هُوَ أوجب على نَفسه وَحرم كَقَوْلِه تَعَالَى ﴿كتب ربكُم على نَفسه الرَّحْمَة﴾ ﴿وَكَانَ حَقًا علينا نصر الْمُؤمنِينَ﴾ وَفِي الحَدِيث يَا عبَادي إِنِّي حرمت الظُّلم على نَفسِي
أما أننا نوجب عَلَيْهِ أَو نحرم عَلَيْهِ فَلَا
فَمن قَالَ لَا يجب عَلَيْهِ وَلَا يحرم أمتنع عِنْده أَن يكون فَاعِلا لقبيح أَو مخلا بِوَاجِب وَمن قَالَ هُوَ أوجب على نَفسه أَو حرم عَلَيْهَا بإخباره إيانا فاتفقوا على أَنه لَا يخل بِمَا إلتزمه
1 / 46