فقالت: نعم واليوم ظلم. فضرب ذراع بعيرها فسقط البعير والهودج فثار الحيان حتى كاد يكون بينهما شر فقال رجل من بني ثعلبة بن يربوع نحن نأتي بصاحبة لنا فاعقروا بها عقر صاحبنا بصاحبتكم. قال: فوقفوها في هودجها. وقالوا هلم فاعقربها، فلما أتاها، ودنا منها حل بردًا كان مؤتزرا به ثم ألقاه عليها؛ وقال: أرجعي ابنة
عم غير معقور بك ولا مخزاه. قال: قال فذلك أول ما روى من حلم حاجب.
قال الأصمعي: قولها اليوم ظلم. يعني أن اليوم ظلمني حين وضع الشيء في غير موضعه. والمثل يضرب بوفاء حاجب، ورهنه قوسه عن مضر كافة وذلك أن النبي ﷺ دعا على مض فقال: اللهم اشدد وطأتك على مضر، وابعث فيها سنين كسني يوسف. فتوالت عليهم الجدوب سبع سنين، فلما رأى حاجب الجدب والقحط على قومه جمع بني زرارة فقال: إني قد أزمعت على أن آتي الملك فأطلب إليه أن يأذن لقومنا فيكونوا تحت هذا البحر حتى يحيوا، فتلكأ عليه بعهم: رشدت فافعل، غير أنا لا نأمن عليك بكر بن وائل، ولا بد لك من ورد مياههم. فقال: ما منهم وجه إلا ولى عنده يد بيضاء إلا ابن الطويلة التيمي، وأنا أرجو أن أداريه، فكان لا يأتي على ماء إلا أكرمه سيدهم، ونحر له حتى أتى على ابن الطويلة حين أضاء الفجر وناديه قريب من حاجب فنادوا حاجب: حتى على الغداء وأمر بنطح فصب عليه تمر. فنحر ابن الطويلة جزرًا وشياها، وقراه، وأراد تشييعه فامتنع حاجب، ومضى إلى إياس ابن قبيصة، فكتب له إلى كسرى، فلما أتاه وشكا إليه الجهد في أنفسهم وأموالهم وطلب أن يأذن له فيكونوا في حد بلاده حتى يحيوا، فقال: إنكم معشر العرب غدر حرصا فان أذنت لهم افسدوا في البلاد، أغاروا على الرعية قال حاجب: فأن ضامن للملك ألا يفعلوا. قال: ومن لي بان تفى (بوعدك) أنت. قال: أرهنك قوسي. فلما جاء بها ضحك الذين حوله فقالوا: بهذا العصا تفى، فقال الملك: ما كان يسلمها لشيء أبدا، وأمرهم فقبضوها منه وأذن لهم في دخول الريف، فأنت مضر النبي ﷺ فقالوا: هلك قومك وأكلتنا الضبع، فادع الله أن يرفع عنا القحط ويسقينا، فأنا نسلم. فدعا لهم
1 / 51