مات ابن لسليمان بن علي، فجزع عليه جزعًا شديدًا، وأمسك عن الطعام والشراب والكلام، فقال كاتبه للحاجب ائذن للناس، وقعد على طريقهم، فجعل يقول: عزوا الأمير وسلوه، فكل تكلم، فلم يصغ إلى أحد إلى أن دخل يحيى بن منصور فقال: أصلح الله الأمير، عليكم نزل كتاب الله ﷿، وأنتم أعرف الناس بتأويله؛ وفيكم قال رسول الله ﷺ وأنتم أعلم الناس بسنته ولست أعزيك بشيء لم تسبق إلى علمه، أعزيك بقول الشاعر:
وهون ما ألقى من الوجد أنني ... أجاوره في داره اليوم أو غدا
فدعا بالغداء وتسلى.
وأنشد عمر بن أبي ربيعة عبد الله بن عباس ﵁ قصيدته:
أمن آل نعم أنت غاد فمبكر ... غداة غد أم رائح فمهجر
وهي ثمانون بيتًا، وكان عنده نافع بن الأزرق الخارجي يسأله عن أشياء في العلم فقال نافع: أنضرب إليك أكباد الإبل نسألك عن الدين فتعرض عنا - وكان نافع قد أمله بكثرة سؤاله - ويأتيك غلام من قريش فينشدك سفها (فتسمح له)؟. فقال: تا الله ما سمعت سفها فقال: فقال: أما أنشدك؟!:
رأت رجلًا أما إذا الشمس عارضت ... فيخزي، وأما بالعشي فيخسر
فقال: ما هكذا قال، إنما قال فيضحى، وأما بالعشي فيخسر. قال: أو تحفظ الذي قال؟. قال: والله ما سمعتها إلا ساعتى، ولو شئت أن أرددها فأنشده إياها. فقال له: ما رأيت أروى منك. فقال له ابن عباس: ما رأيت أروى من عمر، ولا أعلم من علي ﵄.
1 / 29