36

Mukhtasar Zad Macad

مختصر زاد المعاد

Daabacaha

دار الريان للتراث

Lambarka Daabacaadda

الثانية

Sanadka Daabacaadda

١٤٠٧هـ - ١٩٨٧م

Goobta Daabacaadda

القاهرة

وعلى إقامة عبودية الحي فيما يعامل به الميت، فكان من هديه عبودية الرب تعالى على أكمل الأحوال، وتجهيز الميت إلى الله تعالى على أحسن الأحوال، ووقوفه وأصحابه صفوفا يحمدون الله، ويستغفرون له، ثم يمشي بَيْنَ يَدَيْهِ إِلَى أَنْ يُودِعُوهُ حُفْرَتَهُ ثُمَّ يقوم هو وأصحابه على قبره سائلين له الثبات، ثم يتعاهده بالزيارة إلى قبره، والسلام عليه، والدعاء له. فأول ذلك تعاهده في موضعه، وَتَذْكِيرُهُ الْآخِرَةَ، وَأَمْرُهُ بِالْوَصِيَّةِ وَالتَّوْبَةِ، وَأَمْرُ مَنْ حَضَرَهُ بِتَلْقِينِهِ شَهَادَةَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا الله، لتكون آخر كلامه، ثم نهى عَنْ عَادَةِ الْأُمَمِ الَّتِي لَا تُؤْمِنُ بِالْبَعْثِ من لطم الخدود، وَرَفْعِ الصَّوْتِ بِالنَّدْبِ وَالنِّيَاحَةِ، وَتَوَابِعِ ذَلِكَ. وَسَنَّ الخشوع للموت، وَالْبُكَاءَ الَّذِي لَا صَوْتَ مَعَهُ، وَحُزْنَ الْقَلْبِ، وكان يفعله وَيَقُولُ: «تَدْمَعُ الْعَيْنُ، وَيَحْزَنُ الْقَلْبُ، وَلَا نَقُولُ إِلَّا مَا يُرْضِي الرَّبَّ» وَسَنَّ لِأُمَّتِهِ الْحَمْدَ والاسترجاع والرضا عن الله. وكان من هديه الْإِسْرَاعُ بِتَجْهِيزِ الْمَيِّتِ إِلَى اللَّهِ، وَتَطْهِيرُهُ وَتَنْظِيفُهُ وتطييبه، وتكفينه في ثياب البياض، ثُمَّ يُؤْتَى بِهِ إِلَيْهِ، فَيُصَلِّي عَلَيْهِ بَعْدَ أن كان يدعي له عِنْدَ احْتِضَارِهِ، فَيُقِيمُ عِنْدَهُ حَتَّى يَقْضِيَ، ثُمَّ يحضر تجهيزه، ويصلي عليه، ويشيعه إلى قبره، ثم رأى أصحابه أن ذلك يشق عليه، فكانوا يجهزون ميتهم، ثم يحملونه إليه، فيصلي عليه خارج المسجد، وربما كان يصلي أحيانا عليه فِي الْمَسْجِدِ، كَمَا صَلَّى عَلَى سُهَيْلِ بْنِ بيضاء وأخيه فيه. وكان من هديه تغطية وجه الميت إذا مات وبدنه، وتغميض عينيه وَكَانَ رُبَّمَا يُقَبِّلُ الْمَيِّتَ، كَمَا قَبَّلَ عُثْمَانَ بن مظعون وبكى. وَكَانَ يَأْمُرُ بِغُسْلِ الْمَيِّتِ ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ أَكْثَرَ بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ الْغَاسِلُ، وَيَأْمُرُ بِالْكَافُورِ فِي الْغَسْلَةِ الْأَخِيرَةِ. وَكَانَ لَا يُغَسِّلُ الشهيد قتيل المعركة، وَكَانَ يَنْزِعُ عَنْهُمُ الْجُلُودَ وَالْحَدِيدَ، وَيَدْفِنُهُمْ فِي ثيابهم، ولم يصل عليهم، وأمر أن يغسل المحرم بماء وسدر. ويكفن في ثوبي إحرامه، ونهى عَنْ تَطْيِيبِهِ، وَتَغْطِيَةِ رَأْسِهِ، وَكَانَ يَأْمُرُ مَنْ وَلِيَ الْمَيِّتَ أَنْ يُحْسِنَ كَفَنَهُ، وَيُكَفِّنَهُ فِي البياض، وينهى عن المغالاة في الكفن، وإذا قَصُرَ الْكَفَنُ عَنْ سَتْرِ جَمِيعِ الْبَدَنِ غَطَّى رأسه، وجعل على رجليه شيئا من العشب. وكان إذا قدم إليه ميت سأل: هل عليه دين؟ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ صَلَّى عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ، لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ، وأمر أصحابه أَنْ يُصَلُّوا عَلَيْهِ فَإِنَّ صَلَاتَهُ شَفَاعَةٌ،

1 / 38