[مقدمة الناشر مختصر زاد المعاد] مقدمة الناشر إن الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هادي له والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. أما بعد. فإن كتاب زاد المعاد في خير هدى العباد من خير ما ألَّفه الإمام العلامة المحدث ابن قيم الجوزية ومن المعارف الرائعة التي تشهد له بالإمامة ووفرة العلم والتحرر من التقليد. وقد عرض فيه المؤلف- ﵀ صورة واضحة لسيرة الرسول ﷺ وهديه، وتصرفاته العامة والخاصة بأسلوب بسيط وسهل ليقتدي به المسلم ويسير على منهاج النبي الكريم. ثم جاء منقذ الأمة من الضلالة شيخ الإسلام إمام الدعوة في جزيرة العرب، فانتقى من كتاب زاد المعاد هذا المختصر الطيب لينتفع به المسلمون في شئونهم الدينية والدنيوية فعلى كل مسلم أن يتخذ زادا لمعاده وقدوة لسلوكه ليحقق قوله ﷿ ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾ [الأحزاب: ٢١] الأحزاب. .

1 / 3

[ترجمة المؤلف] ترجمة المؤلف هو الشيخ محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن علي التميمي الحنبلي. ولد في بلدة (العيينة) شمال الرياض سنة ١١١٥هـ و١٧٠٣م. حفظ القرآن قبل بلوغه العاشرة. درس الفقه الحنبلي والتفسير والحديث على والده، واعتنى بدراسة كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم، رحمهما الله حج مكة وزار المدينة وأخذ العلم بها عن الشيخ عبد الله بن إبراهيم، وزار البصرة والشام وأخذ العلم عن كبار علمائها وقد رأى الشيخ ما بالبلاد التي وصل إليها من العقائد والعادات الفاسدة والبدع الضالة فعزم على القيام بدعوته ونادى بالرجوع إلى كتاب الله وتعاليم الرسول وحارب البدع ونادى بهدم الأضرحة والمزارات وإزالة معالمها اقتداء بما كانت عليه أيام رسول الله ولاقى الكثير من الأذى حتى جاء نصر الله وسمي بحق المجدد والمصلح. وانتقل الشيخ المصلح محمد بن عبد الوهاب إلى جوار ربه شهر ذي القعدة سنة ١٢٠٦هجرية مخلفا وراءه العمل الصالح ﵀ رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته.

1 / 4

[ترجمة الإمام ابن القيم] ترجمة الإمام ابن القيم هو محمد ابن أبي بكر بن أيوب بن سعد بن حريز الزرعي ثم الدمشقي أبو عبد الله، شمس الدين المعروف بابن قيم الجوزية. ولد سنة ٦٩١هـ وتربى في بيت علم وفضل وتلقى مبادئ العلوم عن أبيه وأخذ العلم عن كثير من علماء عصره ولا سيما شيخ الإسلام ابن تيمية وقد لازمه وتتلمذ عليه. وقد شهد له العلماء بالتفوق في فقه الكتاب والسنة ودقائق الاستنباط منهما. وأصول الدين، وعني بالحديث وفنونه ورجاله قال ابن حجر عنه: كان جريء اللسان، واسع العلم، عارفا بالخلاف ومذهب السلف. وقال نعمان الألوسي البغدادي. لم أشاهد مثله في عبادته وعلمه بالقرآن والحديث وحقائق الإيمان وليس هو بالمعصوم ولكن لم أر في معناه مثله وقد امتحن وأوذي مرات وحبس مع شيخه ابن تيمية في المرة الأخيرة بالقلعة منفردا ولم يفرج عنه إلا بعد موت الشيخ. وقال ابن كثير: (وكان حسن القراءة والخلق كثير التودد لا يحسد أحدا ولا يؤذيه ولا يستعيبه ولا يحقد على أحد وكنت من أحب الناس له وأحب الناس إليه) . وقال برهان الدين الزرعي (ما تحت أديم السماء أوسع علما منه) وقد صنف تصانيف كثيرة جدا منها تهذيب سنن أبي داود. الكلم الطيب وأعلام الموقعين وبدائع الفوائد وحادي الأرواح والداء والدواء والطرق الحكمية وإغاثة اللهفان والروح وطريق الهجرتين وغير ذلك كثير. توفي ﵀ ليلة الخميس ١٣ رجب سنة ٧٥١ هجرية ودفن بدمشق بجوار والده في مقبرة (باب الصغير) .

1 / 5

[مقدمة المؤلف] بسم الله الرحمن الرحيم وبه الثقة والعصمة الحمد لله رب العالمين، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ورسوله. أما بعد: فإن الله ﷾ هو المتفرد بالخلق والاختيار. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [القصص: ٦٨] (١) والمراد بالاختيار: هو الاجتباء والاصطفاء، وقوله: ﴿مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ﴾ [القصص: ٦٨] أي: ليس هذا الاختيار إليهم، فكما أنه المتفرد بالخلق، فهو المتفرد بالاختيار منه، فإنه أعلم بمواقع اختياره، كما قال تَعَالَى: ﴿اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ﴾ [الأنعام: ١٢٤] (٢) وكما قَالَ تَعَالَى: ﴿وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ - أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ﴾ [الزخرف: ٣١ - ٣٢] (٣) فأنكر سبحانه عليهم تخيرهم، وأخبر أن ذلك إلى الذي قسم بينهم معيشتهم، ورفع بعضهم فوق بعض درجات. وقوله: ﴿سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [القصص: ٦٨] نزه نفسه عما اقتضاه شركهم من اقتراحهم واختيارهم، ولم يكن شركهم متضمنا لإثبات خالق سواه حتى ينزه نفسه عنه. والآية مذكورة بعد قوله: ﴿فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ﴾ [القصص: ٦٧] (٤) . وكما أنه خلقهم اختار منهم هؤلاء، وهذا الاختيار راجع إلى حكمته سبحانه، وعلمه بمن هُوَ أَهْلٌ لَهُ، لَا إِلَى اخْتِيَارِ هَؤُلَاءِ واقتراحهم. وهذا الاختيار فِي هَذَا الْعَالَمِ مِنْ أَعْظَمِ آيَاتِ رُبُوبِيَّتِهِ وَأَكْبَرِ شَوَاهِدِ وَحْدَانِيَّتِهِ، وَصِفَاتِ كَمَالِهِ، وَصِدْقِ رُسُلِهِ. وَمِنْ هَذَا اخْتِيَارُهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ الْمُصْطَفَيْنَ مِنْهُمْ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: _________ (١) (٦٨: القصص) . (٢) ١٢٤: الأنعام. (٣) ٣١: الزخرف. (٤) ٦٧: القصص.

1 / 6

«اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ، فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ، اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ، إِنَّكَ تَهْدِي من تشاء إلى صراط مستقيم» (١) . وكذلك اختياره سبحانه الأنبياء من ولد آدم، واختياره الرسل منهم، واختياره أولي العزم منهم، وهم الخمسة المذكورون في سورتي الأحزاب والشورى (٢) واختياره مِنْهُمُ الْخَلِيلَيْنِ: إِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا وسلم وعليهم أجمعين. وَمِنْ هَذَا اخْتِيَارُهُ سُبْحَانَهُ وَلَدَ إِسْمَاعِيلَ مِنْ أَجْنَاسِ بَنِي آدَمَ، ثُمَّ اخْتَارَ مِنْهُمْ بَنِي كِنَانَةَ مِنْ خُزَيْمَةَ، ثُمَّ اخْتَارَ مِنْ وَلَدِ كِنَانَةَ قُرَيْشًا ثُمَّ اخْتَارَ مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ ثُمَّ اخْتَارَ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ سَيِّدَ وَلَدِ آدَمَ مُحَمَّدًا ﷺ، واختار أمته على سائر الأمم. كما في المسند عن معاوية بن حيدة مرفوعا: أَنْتُمْ تُوفُونَ (٣) سَبْعِينَ أُمَّةً، أَنْتُمْ خَيْرُهَا وَأَكْرَمُهَا عَلَى اللَّهِ. وفي " مسند البزار " من حديث أبي الدرداء مرفوعا: «إن الله سبحانه قال لعيسى بن مريم: إني باعث بَعْدِكَ أُمَّةً إِنْ أَصَابَهُمْ مَا يُحِبُّونَ حَمِدُوا وَشَكَرُوا، وَإِنْ أَصَابَهُمْ مَا يَكْرَهُونَ احْتَسَبُوا وَصَبَرُوا، وَلَا حِلْمَ وَلَا عِلْمَ قَالَ: يَا رَبِّ كَيْفَ هَذَا وَلَا حِلْمَ وَلَا عِلْمَ؟ قَالَ: أعطيهم من حلمي وعلمي» [فصل اختص الله نفسه بالطيب] فصل اختص الله نفسه بالطيب والمقصود أن الله سبحانه اختار من كل جنس أطيبه، فاختصهم لنفسه، فإنه ﷾ طَيِّبٌ لَا يُحِبُّ إِلَّا الطَّيِّبَ، وَلَا يَقْبَلُ من القول والعمل والصدقة إلا الطيب. وَبِهَذَا يُعْلَمُ عُنْوَانُ سَعَادَةِ الْعَبْدِ وَشَقَاوَتِهِ، فَإِنَّ الطَّيِّبَ لَا يُنَاسِبُهُ إِلَّا الطَّيِّبُ وَلَا يَرْضَى إِلَّا بِهِ، وَلَا يَسْكُنُ إِلَّا إِلَيْهِ، وَلَا يَطْمَئِنُّ قَلْبُهُ إِلَّا بِهِ. فَلَهُ مِنَ الْكَلَامِ الكلام الطيب الذي لا يصعد إلى الله إلا هو _________ (١) أخرجه مسلم في صحيحه (٧٧٠) في صلاة المسافرين من حديث عائشة ﵂ وأبو عوانة. (٢) إشارة لقوله تعالى: وإذ أخذنا ٩٣ / ٧ وشرع لكم ٤٢ / ١٣. (٣) مسند أحمد جـ ٥ ص١٥.

1 / 7

Usul - Qalabka Cilmi-baarista ee Qoraalada Islaamka

Usul.ai waxa uu u adeegaa in ka badan 8,000 qoraal oo Islaami ah oo ka socda corpus-ka OpenITI. Hadafkayagu waa inaan fududeyno akhrinta, raadinta, iyo cilmi-baarista qoraalada dhaqameed. Ku qor hoos si aad u hesho warbixinno bille ah oo ku saabsan shaqadayada.

© 2024 Hay'adda Usul.ai. Dhammaan xuquuqaha waa la ilaaliyay.