Mukhtasar Zad Macad
مختصر زاد المعاد
Daabacaha
دار الريان للتراث
Lambarka Daabacaadda
الثانية
Sanadka Daabacaadda
١٤٠٧هـ - ١٩٨٧م
Goobta Daabacaadda
القاهرة
فِيهِ مِنَ الْفَسَادِ الْعَامِّ مَا يُنَاسِبُ الشَّيْطَانَ بِمَادِّتِهِ، وَفِعْلِهِ كَانَ لِلشَّيْطَانِ إِعَانَةٌ عَلَيْهِ وَتَنْفِيذٌ لَهُ وَكَانَتِ النَّارُ تَطْلُبُ بِطَبْعِهَا الْعُلُوَّ وَالْفَسَادَ، وَهَذَانِ الْأَمْرَانِ - وَهُمَا الْعُلُوُّ فِي الْأَرْضِ وَالْفَسَادُ - هُمَا هَدْيُ الشَّيْطَانِ، وَإِلَيْهِمَا يَدْعُو وَبِهِمَا يُهْلِكُ بَنِي آدَمَ، فَالنَّارُ وَالشَّيْطَانُ كُلٌّ مِنْهُمَا يُرِيدُ الْعُلُوَّ فِي الْأَرْضِ وَالْفَسَادَ، وَكِبْرِيَاءَ الرَّبِّ ﷿ تقمع الشيطان، فإذا كبّر المسلم ربه، طفئ الْحَرِيقَ، وَقَدْ جَرَّبْنَا نَحْنُ وَغَيْرُنَا هَذَا فَوَجَدْنَاهُ كذلك.
[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ ﷺ فِي حِفْظِ الصِّحَّةِ]
فَصْلٌ
فِي هَدْيِهِ ﷺ في حفظ الصحة قال الله تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا﴾ [الأعراف: ٣١] (١) فأرشدهم إِلَى إِدْخَالِ مَا يُقِيمُ الْبَدَنَ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ عِوَضَ مَا تَحَلَّلَ مِنْهُ، وَأَنْ يَكُونَ بِقَدْرِ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ الْبَدَنُ فِي الْكَمِّيَّةِ وَالْكَيْفِيَّةِ، فَمَتَى جَاوَزَ ذَلِكَ كَانَ إِسْرَافًا، وَكِلَاهُمَا مَانِعٌ مِنَ الصِّحَّةِ جَالِبٌ لِلْمَرَضِ أَعْنِي عَدَمَ الأكل والشرب أو الإسراف فيهما، فحفظ الصحة في هاتين الكلمتين الإلهيتين.
وَلَمَّا كَانَتِ الصِّحَّةُ وَالْعَافِيَةُ مِنْ أَجَلِّ نِعَمِ اللَّهِ عَلَى عَبْدِهِ وَأَجْزَلِ عَطَايَاهُ وَأَوْفَرِ مِنَحِهِ، بل العافية المطلقة من أجل النعم على الإطلاق، فحقيق بمن رُزِقَ حَظًّا مِنَ التَّوْفِيقِ مُرَاعَاتُهَا وَحِفْظُهَا وَحِمَايَتُهَا عما يضادها.
ولهذا قال ﷺ: «نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ»، وَفِي الترمذي مرفوعا: «مَنْ أَصْبَحَ مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، آمِنًا فِي سربه، عنده قوت يوم، فكأنما حيزت له الدنيا» وفيه أيضا مرفوعا: «أَوَّلُ مَا يُسْأَلُ عَنْهُ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ من النعم أن يقال: ألم نصح لك جسمك؟ ونرويك من الماء البارد» .
ومن هنا قَالَ مَنْ قَالَ مِنَ السَّلَفِ فِي قَوْلِهِ: ﴿ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ﴾ [التكاثر: ٨] (٢) قال: عن الصحة.
ولأحمد مرفوعا: «سَلُوا اللَّهَ الْيَقِينَ وَالْمُعَافَاةَ، فَمَا أُوتي أَحَدٌ بَعْدَ الْيَقِينِ خَيْرًا مِنَ الْعَافِيَةِ» فَجَمَعَ بَيْنَ عافيتي الدنيا والدين، وَلَا يَتِمُّ صَلَاحُ الْعَبْدِ فِي الدَّارَيْنِ إِلَّا باليقين والعافية، فاليقين يدفع عنه عقاب الآخرة
(١) سورة الأعراف، الآية: ٣١. (٢) سورة التكاثر، الآية: ٨.
1 / 196