واحدة من مجلسي، وجاء الأنبياء الآخرون أيضا وسلموا علي، حتى جئ بابن عمى علي ابن أبي طالب راكبا على ناقة من نوق الحنة وفي يده لواء الحمد وكان حوله جماعة وجوههم كالبدر مشرقة منورة فسألتي إبراهيم عن هذا الفتى أهو من النبيين؟ قلت: ما هو نبي بل هو ابن عمي علي بن أبي طالب، فسأل إبراهيم: من هؤلاء القوم الحافون من حوله؟ قلت: أولئك شيعته ومحبوه. فدعا إبراهيم حينئذ: رب أجعلني من شيعة علي، يدلك على ذلك قوله تعالى ﴿وإن من شيعته لإبراهيم إذ جاء ربه بقلب سليم﴾ فقال الحجاج: صدقت. فبم تفضلينه على سليمان. فقالت حليمة: إن سليمان طلب من ربه الملك والجاه والدنيا حيث قال ﴿رب هب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب﴾ والأمير قد طلق الدنيا حيث قال: إليك عني يا دنيا، طلقتك ثلاثا لا رجعة بعدها، حبلك على غاربك، غري غيري، ولا حاجة لي فيك». (١) قال الحجاج: صدقت، فيم تفضلينه على موسى؟ فقالت: إن موسى قد فر من مصر إلى مدين خوفا من فرعون، قال تعالى ﴿فخرج منها خائفا يترقب﴾ والأمير قد رقد ليلة الهجرة على فراش رسول الله ﷺ بقلب مطمئن، ولو كان معه شئ من الخوف لما نام. فقال: صدقت.
ففيم تفضلينه على عيسى؟ فقالت: إن عيسى يحبس يوم الحشر في موقف الحساب فيسأله الله تعالى: هل إنه كان السبب في اتخاذ إله غير الله وعبادة غيره سبحانه ليعتذر حينئذ بما يعتذر؟ يدل على ذلك قوله تعالى ﴿أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لى به علم إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب. ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم﴾ الآية، والأمير لما قالت السبئية إنه إله غضب عليهم وأجلاهم وهددهم حتى اشتهر في مشارق الأرض ومغاربها وأظهر منهم البراءة فقال الحجاج: صدقت. وأمر لها بألف دينار وقرر لها وظيفة في كل سنة. ثم قالت يا حجاج استمع نكتة ولطيفة أخرى. إن مريم لما أخذها المخاض وقد كانت في بيت المقدس أمرها الله تعالى
_________
(١) أخرج الإمام أحمد عن مسلم بن هرمز قال: «أعطى علي الناس في سنة ثلاث عطيات ثم قدم عليه مال من أصبهان فقال: هلموا إلى عطاء الرابع فخذوا، ثم كنس بيت المال وصلى فيه ركعتين وقال: يا دنيا غري غيري، قال: وقدم عليه حبال من أرض فقال: أيش هذا؟ قال: حبال جيء بها من أرض كذا وكذا، قال: أعطوها الناس، قال فأخذ بعضهم وترك بعضهم فنظروا فإذا هو كتان يعمل فبلغ الحبل آخر النهار دراهم». فضائل الصحابة: ١/ ٥٤١؛ وأبو نعيم، حلية الأولياء: ١/ ٨١.
1 / 40