95

Soo Koobid Tafsiirka Ibn Kathir

مختصر تفسير ابن كثير

Daabacaha

دار القرآن الكريم

Lambarka Daabacaadda

السابعة

Sanadka Daabacaadda

1402 AH

Goobta Daabacaadda

بيروت

Noocyada

Fasiraadda
وَقَدْ كَانَتِ السُنَّة إِقْرَارَ مَا فَعَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ ﵄ لِأَنَّهُ هُوَ الذِي وَدَّهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وَلَكِنْ خَشِيَ أَنْ تُنْكِرَهُ قُلُوبُ بَعْضِ النَّاسِ لِحَدَاثَةِ عَهْدِهِمْ بِالْإِسْلَامِ وَقُرْبِ عَهْدِهِمْ مِنَ الْكُفْرِ، وَلَكِنْ خَفِيَتْ هَذِهِ السُّنَّةُ على (عبد الملك بن مروان) وَلِهَذَا لَمَّا تَحَقَّقَ ذَلِكَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا رَوَتْ ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَالَ: وَدِدْنَا أَنَّا تَرَكْنَاهُ وَمَا تولى. فَدَلَّ هَذَا عَلَى صَوَابِ مَا فَعَلَهُ ابْنُ الزبير، فلو ترك لكان جيدًا. ولكنْ بعدما رَجَعَ الْأَمْرُ إِلَى هَذَا الْحَالِ فَقَدْ كَرِهَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَنْ يغيَّر عَنْ حَالِهِ، كَمَا ذُكِرَ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ هَارُونَ الرَّشِيدِ أَوْ أَبِيهِ الْمَهْدِيِّ، أَنَّهُ سَأَلَ الْإِمَامَ مَالِكًا عَنْ هَدْمِ الْكَعْبَةِ وَرَدِّهَا إِلَى مَا فَعَلَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ لَهُ مَالِكٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَا تَجْعَلْ كَعْبَةَ اللَّهِ مَلْعَبَةً لِلْمُلُوكِ لَا يَشَاءُ أَحَدٌ أَنْ يَهْدِمَهَا إِلَّا هَدَمَهَا!! فَتَرَكَ ذلك الرشيد، نقله عياض والنووي. وَلَا تَزَالُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - هَكَذَا إِلَى آخِرِ الزَّمَانِ إِلَى أَنْ يُخَرِّبَهَا (ذُو السُّويقتين) مِنَ الْحَبَشَةِ كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «يُخَرِّبُ الْكَعْبَةَ ذُو السُّوَيْقَتَيْنِ من الحبشة». وعن ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «كَأَنِّي بِهِ أَسْوَدَ أَفْحَجَ يَقْلَعُهَا حجرًا حجرًا» وعن مجاهد عن عبد الله بن عمرو ابن الْعَاصِ ﵄ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «يُخَرِّبُ الْكَعْبَةَ ذُو السُّوَيْقَتَيْنِ مِنَ الْحَبَشَةِ وَيَسْلُبُهَا حِلْيَتَهَا وَيُجَرِّدُهَا مِنْ كُسْوَتِهَا، وَلَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ أُصَيْلع، أُفَيْدع، يضرب عليها بمسحاته ومعوله» (رواه أحمد. والفَدْع: زيغٌ بَيْنَ الْقَدَمِ وَعَظْمِ السَّاقِ) وَهَذَا - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - إِنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ خُرُوجِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ لما جاء في صحجيح الْبُخَارِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ﵁ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «ليُحجَنَّ البيتُ وليُعتَمرنَّ بَعْدَ خُرُوجِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ». وَقَوْلُهُ تَعَالَى حِكَايَةً لِدُعَاءِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ ﵉: ﴿رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَآ أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ﴾ قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: يَعْنِيَانِ بِذَلِكَ وَاجْعَلْنَا مُسْتَسْلِمِينَ لِأَمْرِكَ، خَاضِعِينَ لِطَاعَتِكَ، لَا نُشْرِكُ مَعَكَ فِي الطَّاعَةِ أَحَدًا سِوَاكَ، وَلَا فِي الْعِبَادَةِ غَيْرَكَ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: ﴿رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ﴾ قَالَ اللَّهُ: قَدْ فَعَلْتُ ﴿وَمِن ذُرِّيَّتِنَآ أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ﴾ قَالَ اللَّهُ: قَدْ فَعَلْتُ. وَقَالَ السُّدِّيُّ: ﴿وَمِن ذُرِّيَّتِنَآ أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ﴾ يَعْنِيَانِ الْعَرَبَ. قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَالصَّوَابُ أَنَّهُ يَعُمُّ الْعَرَبَ وَغَيْرَهُمْ، لِأَنَّ مِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَمِن قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ﴾. (قُلْتُ) وَهَذَا الذِي قَالَهُ ابْنُ جَرِيرٍ لَا ينفيه السدي فإن تخصيصهم بذلك لا ينفقي مَنْ عَدَاهُمْ، وَالسِّيَاقُ إِنَّمَا هُوَ فِي الْعَرَبِ، وَلِهَذَا قَالَ بَعْدَهُ: ﴿رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ ويعلِّمهم الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ﴾ الْآيَةَ. وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ مُحَمَّدٌ ﷺ، وَقَدْ بُعِثَ فِيهِمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿هُوَ الذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا منهم﴾، ومع هذا لا ينفي رسلاته إِلَى الْأَحْمَرِ وَالْأَسْوَدِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا﴾ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَدِلَّةِ الْقَاطِعَةِ، وَهَذَا الدُّعَاءُ من إبراهيم وإسماعيل ﵉ كما أخبرنا اللَّهُ تَعَالَى عَنْ عِبَادِهِ الْمُتَّقِينَ الْمُؤْمِنِينَ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا﴾.

1 / 128