94

Soo Koobid Tafsiirka Ibn Kathir

مختصر تفسير ابن كثير

Daabacaha

دار القرآن الكريم

Lambarka Daabacaadda

السابعة

Sanadka Daabacaadda

1402 AH

Goobta Daabacaadda

بيروت

Noocyada

Fasiraadda
ابن كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ عَلَى الْمَوْتِ وَأَدْخَلُوا أَيْدِيَهُمْ فِي ذَلِكَ الدَّمِ فِي تِلْكَ الْجَفْنَةِ فَسُمُّوا «لَعَقَة الدَّمِ» فَمَكَثَتْ قُرَيْشٌ عَلَى ذَلِكَ أَرْبَعَ لَيَالٍ أَوْ خَمْسًا، ثُمَّ إِنَّهُمُ اجْتَمَعُوا فِي الْمَسْجِدِ فَتَشَاوَرُوا وَتَنَاصَفُوا، فَزَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ الرِّوَايَةِ أن أبا أُمية بن المغيرة - وَكَانَ عامئذٍ أسنَّ قُرَيْشٍ كُلِّهِمْ - قَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ اجْعَلُوا بَيْنَكُمْ فِيمَا تَخْتَلِفُونَ فِيهِ أَوَّلَ مَنْ يَدْخُلُ مِنْ بَابِ هَذَا الْمَسْجِدِ، يَقْضِي بَيْنَكُمْ فِيهِ فَفَعَلُوا، فَكَانَ أَوَّلُ دَاخِلٍ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَلَمَّا رَأَوْهُ قَالُوا: هَذَا الْأَمِينُ رَضِينَا ... هَذَا مُحَمَّدٌ، فلما انتهى إليهم وأخبروه الخبر قال ﷺ: "هلمَّ إليَّ بثوب، فأُتي بِهِ، فَأَخَذَ الرُّكْنَ - يَعْنِي الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ - فَوَضَعَهُ فِيهِ بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ: "لِتَأْخُذْ كُلُّ قبيلة بناحية من الثوب ثم ارْفَعُوهُ جَمِيعًا، فَفَعَلُوا حَتَّى إِذَا بَلَغُوا بِهِ مَوْضِعَهُ، وَضَعَهُ هُوَ بِيَدِهِ ﷺ، ثُمَّ بَنَى عَلَيْهِ، وَكَانَتْ قُرَيْشٌ تُسَمِّي رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَبْلِ أَن يُنَزَّلَ عليه الوحي (الأمين). قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَكَانَتِ الْكَعْبَةُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ ﷺ ثماني عشر ذراعًا، وكان تُكْسَى الْقَبَاطِيَّ، ثُمَّ كُسِيَتْ بعدُ الْبُرُودَ، وَأَوَّلُ مَنْ كَسَاهَا الدِّيبَاجَ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ (قُلْتُ): ولم تزل على بناء قريش حتى احترقت فِي أَوَّلِ إِمَارَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ بَعْدَ سَنَةِ سِتِّينَ وَفِي آخِرِ وِلَايَةِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ لَمَّا حَاصَرُوا ابْنَ الزُّبَيْرِ، فَحِينَئِذٍ نَقَضَهَا (ابْنُ الزُّبَيْرِ) إِلَى الْأَرْضِ وَبَنَاهَا عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ ﵇، وَأَدْخَلَ فِيهَا الْحِجْرَ وَجَعَلَ لَهَا بَابًا شَرْقِيًّا وَبَابًا غَرْبِيًّا مُلْصَقَيْنِ بِالْأَرْضِ كَمَا سَمِعَ ذَلِكَ مِنْ خَالَتِهِ عَائِشَةَ أُم المؤمنين عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَلَمْ تَزَلْ كَذَلِكَ مُدَّةَ إِمَارَتِهِ حَتَّى قَتَلَهُ الْحَجَّاجُ، فَرَدَّهَا إِلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ بِأَمْرِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ لَهُ بِذَلِكَ، كَمَا قال مسلم عن عطاء: "لمَّا احْتَرَقَ الْبَيْتُ زَمَنَ (يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ) حين غزاها أهل الشام فكان مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ تَرَكَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ، حتى قدم الناس الموسم يريد أن يحزبهم أو يجيروهم عَلَى أَهْلِ الشَّامِ، فَلَمَّا صَدَرَ النَّاسُ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَشِيرُوا عَلِيَّ فِي الْكَعْبَةِ أَنْقُضُهَا ثُمَّ أَبْنِي بِنَاءَهَا أَوْ أُصْلِحُ مَا وهَى منها؟ قال ابن عباس: إنه قد خرق لِي رَأْيٌ فِيهَا أَرَى أَنْ تُصْلِحَ مَا وهَى مِنْهَا وَتَدَعَ بَيْتًا أَسْلَمَ النَّاسُ عَلَيْهِ، وأحجارًا أسلم الناس عَلَيْهَا النَّبِيُّ ﷺ، فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: لَوْ كَانَ أَحَدُهُمُ احْتَرَقَ بَيْتُهُ مَا رَضِيَ حَتَّى يجدِّده فَكَيْفَ بَيْتُ رَبِّكُمْ ﷿؟ إِنِّي مُسْتَخِيرٌ رَبِّي ثَلَاثًا ثُمَّ عَازِمٌ عَلَى أَمْرِي. فَلَمَّا مَضَتْ ثَلَاثٌ أَجْمَعَ رَأْيَهُ عَلَى أَنْ يَنْقُضَهَا، فَتَحَامَاهَا النَّاسُ أَنْ يَنْزِلَ بِأَوَّلِ النَّاسِ يَصْعَدُ فِيهِ أَمْرٌ مِنَ السَّمَاءِ حَتَّى صَعِدَهُ رَجُلٌ فَأَلْقَى مِنْهُ حِجَارَةً. فَلَمَّا لَمْ يَرَهُ النَّاسُ أَصَابَهُ شَيْءٌ تَتَابَعُوا فَنَقَضُوهُ حَتَّى بَلَغُوا بِهِ الْأَرْضَ. فَجَعَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ أَعْمِدَةً يَسْتُرُ عَلَيْهَا السُّتُورَ حَتَّى ارْتَفَعَ بناؤهه. وَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: إِنِّي سَمِعْتُ عَائِشَةَ ﵂ تَقُولُ: إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «لَوْلَا أَنَّ النَّاسَ حديثٌ عَهْدُهُمْ بِكُفْرٍ وَلَيْسَ عِنْدِي مِنَ النَّفَقَةِ مَا يُقَوِّينِي عَلَى بِنَائِهِ لَكُنْتُ أَدْخَلْتُ فِيهِ مِنَ الحجر خمسة أذرع ولجعلت له بابً يَدْخُلُ النَّاسُ مِنْهُ، وَبَابًا يَخْرُجُونَ مِنْهُ»، قَالَ: فَأَنَا أَجِدُ مَا أُنْفِقُ وَلَسْتُ أَخَافُ النَّاسَ. قال: فزاد خَمْسَةَ أَذْرُعٍ مِنَ الْحِجْرِ حَتَّى أَبْدَى لَهُ أسًا فنظر النَّاسُ إِلَيْهِ فَبَنَى عَلَيْهِ الْبِنَاءَ، وَكَانَ طُولُ الْكَعْبَةِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ذِرَاعًا، فَلَمَّا زَادَ فِيهِ اسْتَقْصَرَهُ فَزَادَ فِي طُولِهِ عَشَرَةَ أَذْرُعٍ وَجَعَلَ لَهُ بَابَيْنِ أَحَدُهُمَا يُدْخَلُ مِنْهُ، وَالْآخَرُ يُخْرَجُ مِنْهُ. فَلَمَّا قُتِل ابْنُ الزُّبَيْرِ كَتَبَ الْحَجَّاجُ إلى عبد الملك يستجيزه بِذَلِكَ، وَيُخْبِرُهُ أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ قَدْ وَضَعَ الْبِنَاءَ عَلَى أسٍّ نَظَرَ إِلَيْهِ الْعُدُولُ مِنْ أهل المكة. فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ: إِنَّا لَسْنَا مِنْ تَلْطِيخِ ابْنِ الزُّبَيْرِ فِي شَيْءٍ، أَمَّا مَا زَادَهُ فِي طُولِهِ فَأَقِرَّهُ، وَأَمَّا مَا زَادَ فِيهِ مِنَ الحِجْر فَرُدَّهُ إِلَى بِنَائِهِ وَسُدَّ الْبَابَ الذِي فَتَحَهُ، فَنَقَضَهُ وَأَعَادَهُ إِلَى بِنَائِهِ" (رواه مسلم والنسائي عن عطاء، واللفظُ لمسلم)

1 / 127