87

Mukhtasar Sawaciq Mursala

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

Tifaftire

سيد إبراهيم

Daabacaha

دار الحديث

Daabacaad

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

Goobta Daabacaadda

القاهرة - مصر

Noocyada

الْعِلْمَيْنِ، إِمَّا قَادِحًا فِي عِلْمِهِ فِي مَوْضُوعِ ذَلِكَ اللَّفْظِ، وَإِمَّا فِي عِلْمِهِ بِعِبَارَةِ الْمُتَكَلِّمِ بِهِ وَصِفَاتِهِ وَقَصْدِهِ، فَمَتَى عَرَفَ مَوْضُوعَهُ عَادَةَ الْمُتَكَلِّمِ بِهِ أَفَادَهُ ذَلِكَ الْقَطْعُ، يُوَضِّحُهُ:
التَّاسِعُ وَالْأَرْبَعُونَ: أَنَّ السَّامِعَ مَتَى سَمِعَ الْمُتَكَلِّمَ يَقُولُ: لَبِسْتُ ثَوْبًا، وَرَكِبْتُ فَرَسًا، وَأَكَلْتُ لَحْمًا، وَهُوَ عَالِمٌ بِمَدْلُولِ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ مِنْ عُرْفِ الْمُتَكَلِّمِ، وَعَالِمٌ أَنَّ الْمُتَكَلِّمَ لَا يَقْصِدُ بِقَوْلِهِ: لَبِسْتُ ثَوْبًا مَعْنَى ذَبَحْتُ شَاةً، وَلَا مِنْ قَوْلِهِ: رَكِبْتُ فَرَسًا مَعْنَى لَبِسْتُ ثَوْبًا، عَلِمَ مُرَادَهُ قَطْعًا، فَإِنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ قَصْدَ خِلَافِ ذَلِكَ عُدَّ مُلَبِّسًا مُدَلِّسًا لَا مُبَيِّنًا مُفْهِمًا، وَهَذَا مُسْتَحِيلٌ عَلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ أَعْظَمَ اسْتِحَالَةٍ وَإِنْ جَازَ عَلَى أَهْلِ التَّخَاطُبِ فِيمَا بَيْنَهُمْ.
فَإِذًا إِفَادَةُ كَلَامِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ الْيَقِينَ فَوْقَ اسْتِفَادَةِ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ كُلِّ مُتَكَلِّمٍ، وَهَذَا أَدَلُّ عَلَى كَلَامِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ مِنْ دَلَالَةِ كَلَامِ غَيْرِهِ عَلَى مُرَادِهِ، وَكُلَّمَا كَانَ السَّامِعُ أَعْرَفُ بِالْمُتَكَلِّمِ وَقَصْدِهِ وَبَيَانِهِ وَعَادَتِهِ، كَانَتِ اسْتِفَادَتُهُ لِلْعِلْمِ بِمُرَادِهِ أَكْمَلَ وَأَتَمَّ.
الْخَمْسُونَ: أَنَّ قَوْلَهُ: " إِنَّ فَهْمَ الدَّلَالَةِ اللَّفْظِيَّةِ مَوْقُوفٌ عَلَى نَقْلِ النَّحْوِ وَالتَّصْرِيفِ " جَوَابُهُ أَنَّ الْقُرْآنَ قَدْ نُقِلَ إِعْرَابُهُ كَمَا نُقِلَتْ أَلْفَاظُهُ وَمَعَانِيهِ، لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ، فَأَلْفَاظُهُ مُتَوَافِرَةٌ وَإِعْرَابُهُ مُتَوَاتِرٌ، وَنَقْلُ مَعَانِيهِ أَظْهَرُ مِنْ نَقْلِ أَلْفَاظِهِ وَإِعْرَابِهِ، كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ، وَنَقْلُ جَمِيعِ ذَلِكَ بِالتَّوَاتُرِ أَصَحُّ مِنْ نَقْلِ كُلِّ لُغَةٍ نَقَلَهَا نَاقِلٌ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، وَقَوَاعِدُ الْإِعْرَابِ وَالتَّصْرِيفِ الصَّحِيحَةُ مُسْتَفَادَةٌ مِنْهُ، مَأْخُوذَةٌ عَنْ إِعْرَابِهِ وَتَصْرِيفِهِ، وَهُوَ الشَّاهِدُ عَلَى صِحَّةِ غَيْرِهَا مِمَّا يُحْتَجُّ لَهُ بِهَا، فَهُوَ الْحُجَّةُ لَهَا وَالشَّاهِدُ، وَشَوَاهِدُ الْإِعْرَابِ وَالْمَعَانِي مِنْهُ أَقْوَى وَأَصَحُّ مِنَ الشَّوَاهِدِ مِنْ غَيْرِهِ، حَتَّى إِنَّ فِيهِ مِنْ قَوَاعِدِ الْإِعْرَابِ وَقَوَاعِدِ الْمَعَانِي وَالْبَيَانِ مَا لَمْ يَشْتَمِلْ عَلَيْهِ ضَوَابِطُ النُّحَاةِ وَأَهْلِ عِلْمِ الْمَعَانِي، فَبَطَلَ قَوْلُ هَؤُلَاءِ: إِنَّ الْأَدِلَّةَ اللَّفْظِيَّةَ تَتَوَقَّفُ دَلَالَتُهَا عَلَى عِصْمَةِ رُوَاةِ مُفْرَدَاتِ تِلْكَ الْأَلْفَاظِ، يُوَضِّحُهُ:
الْحَادِيُ وَالْخَمْسُونَ: هَبْ أَنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى نَقْلِ ذَلِكَ، لَكِنَّ عَامَّةَ أَلْفَاظِ الْقُرْآنِ مَنْقُولٌ مَعْنَاهَا وَإِعْرَابُهَا بِالتَّوَاتُرِ، لَا يَحْتَاجُ النَّاسُ فِيهِ إِلَى نَقْلٍ عَنْ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ كَالْخَلِيلِ، وَسِيبَوَيْهِ، وَالْأَصْمَعِيِّ، وَأَبَى عُبَيْدَةَ، وَالْكِسَائِيِّ، وَالْفَرَّاءِ، حَتَّى الْأَلْفَاظُ الْغَرِيبَةُ فِي الْقُرْآنِ مِثْلَ " ابْتُلُوا " وَ" ﴿قِسْمَةٌ ضِيزَى﴾ [النجم: ٢٢] " وَ" ﴿عَسْعَسَ﴾ [التكوير: ١٧] " وَنَحْوَهَا، مَعَانِيهَا

1 / 101