85

Mukhtasar Sawaciq Mursala

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

Baare

سيد إبراهيم

Daabacaha

دار الحديث

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

Goobta Daabacaadda

القاهرة - مصر

Noocyada

الْبَيَانُ، وَعَلَى الرَّسُولِ الْبَلَاغُ، وَعَلَيْنَا التَّسْلِيمُ) فَهَذَا الْبَيَانُ الَّذِي تَكَفَّلَ بِهِ سُبْحَانَهُ وَأُمِرَ بِهِ رَسُولَهُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ بَيَانُ اللَّفْظِ وَحْدَهُ، أَوِ الْمَعْنَى وَحْدَهُ، أَوِ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى جَمِيعًا، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بَيَانَ اللَّفْظِ دُونَ الْمَعْنَى، فَإِنَّ هَذَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ، وَلَا يَحْصُلُ بِهِ مَقْصُودُ الرِّسَالَةِ، وَبَيَانُ الْمَعْنَى وَحْدَهُ بِدُونِ دَلِيلِهِ، وَهُوَ اللَّفْظُ الدَّالُّ عَلَيْهِ، مُمْتَنِعٌ، فَعُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بَيَانُ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى، فَكَمَا نَقْطَعُ أَنَّ الرَّسُولَ ﷺ بَيَّنَ اللَّفْظَ فَكَذَلِكَ نَتَيَقَّنُ أَنَّهُ بَيَّنَ الْمَعْنَى، بَلْ كَانَتْ عِنَايَتُهُ بِبَيَانِ الْمَعْنَى أَشَدَّ مِنْ عِنَايَتِهِ بِبَيَانِ اللَّفْظِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَنْبَغِي، فَإِنَّ الْمَعْنَى هُوَ الْمَقْصُودُ، وَأَمَّا اللَّفْظُ فَوَسِيلَةٌ إِلَيْهِ، فَكَيْفَ تَكُونُ عِنَايَتُهُ بِالْوَسِيلَةِ أَهَمَّ مِنْ عِنَايَتِهِ بِالْمَقْصُودِ، وَكَيْفَ يُتَيَقَّنُ بَيَانُهُ لِلْوَسِيلَةِ وَلَا يُتَيَقَّنُ بَيَانُهُ لِلْمَقْصُودِ؟ وَهَلْ هَذَا إِلَّا مِنْ أَبْيَنِ الْمُحَالِ؟ فَإِنْ جَازَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُبَيِّنَ الْمُرَادَ مِنْ أَلْفَاظِ الْقُرْآنِ جَازَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُبَيِّنَ بَعْضَ أَلْفَاظِهِ، فَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ مِنْهَا خِلَافَ حَقَائِقِهَا وَظَوَاهِرِهَا دُونَ مَدْلُولَاتِهَا، وَقَدْ كَتَمَهُ عَنِ الْأُمَّةِ وَلَمْ يُبَيِّنْهُ لَهَا، كَانَ ذَلِكَ قَدْحًا فِي رِسَالَتِهِ وَعِصْمَتِهِ، وَفَتْحًا لِلزَّنَادِقَةِ مِنَ الرَّافِضَةِ وَغَيْرِهِمْ بَابَ كِتْمَانِ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ، وَهَذَا مُنَافٍ لِلْإِيمَانِ بِهِ وَبِرِسَالَتِهِ، يُوَضِّحُهُ: الْوَجْهُ السَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَ: أَنَّ الْقَائِلَ بِأَنَّ الْأَدِلَّةَ اللَّفْظِيَّةَ لَا تُفِيدُ الْيَقِينَ، إِمَّا أَنْ يَقُولَ: إِنَّهَا تُفِيدُ ظَنًّا أَوْ لَا تُفِيدُ عِلْمًا وَلَا ظَنًّا، فَإِنْ قَالَ: لَا تُفِيدُ عِلْمًا وَلَا ظَنًّا فَهُوَ مَعَ مُكَابَرَتِهِ لِلْعَقْلِ وَالسَّمْعِ وَالْفِطْرَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ كُفْرًا وَإِلْحَادًا، وَإِنْ قَالَ: بَلْ تُفِيدُ ظَنًّا غَالِبًا وَإِنْ لَمْ تُفِدْ يَقِينًا، قِيلَ لَهُ: فَاللَّهُ تَعَالَى قَدْ ذَمَّ الظَّنَّ الْمُجَرَّدَ وَأَهْلَهُ فَقَالَ تَعَالَى: ﴿إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا﴾ [النجم: ٢٨] فَأَخْبَرَ أَنَّ الظَّنَّ لَا يُوَافِقُ الْحَقَّ وَلَا يُطَابِقُهُ، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى﴾ [النجم: ٢٣] وَقَالَ أَهْلُ النَّارِ: ﴿إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ﴾ [الجاثية: ٣٢] فَلَوْ كَانَ مَا أَخْبَرَ اللَّهُ بِهِ عَنْ أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَأَحْوَالِ الْأُمَمِ وَعُقُوبَاتِهِمْ، لَا تُفِيدُ إِلَّا ظَنًّا لَكَانَ الْمُؤْمِنُونَ إِنْ يَظُنُّونَ إِلَّا ظَنًّا وَمَا هُمْ بِمُسْتَيْقِنِينَ، وَلَكَانَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ﴾ [البقرة: ٤] خَبَرًا غَيْرَ مُطَابِقٍ، فَإِنَّ عِلْمَهُمْ بِالْآخِرَةِ إِنَّمَا اسْتَفَادُوهُ مِنَ الْأَدِلَّةِ اللَّفْظِيَّةِ، لَا سِيَّمَا وَجُمْهُورُ الْمُتَكَلِّمِينَ يُصَرِّحُونَ بِأَنَّ الْمَعَادَ إِنَّمَا عُلِمَ بِالنَّقْلِ، فَإِذَا

1 / 99