الذين أنعم الله عليهم، من النبيين والصديقين، والشهداء
والصالحين، غير المغضوب عليهم، ولا الضالين. وهذا هو الصراط الذي أمرنا أن نسأله هدايتنا إياه، في كل صلاة بل في كل ركعة.
وهذه الأمة خير الأمم، وخيرها القرن الأول، كان القرن الأول أكمل الناس في العلم النافع، والعمل الصالح.
وهؤلاء المفترون وصفوهم بنقيض ذلك، بأنهم لم يكونوا يعلمون الحق ويتبعونه، بل كان أكثرهم عندهم يعلمون الحق ويخالفونه، كما يزعمون في الخلفاء الثلاثة، وجمهور الصحابة، والأمة، وكثير منهم عندهم لا يعلم الحق، بل اتبع الظالمين تقليدا لعدم نظرهم المفضي إلى العلم، والذي لم ينظر قد يكون تركه النظر لأجل الهوى وطلب الدنيا، وقد يكون لقصوره ونقص إدراكه.
وادعى أن منهم من طلب الأمر لنفسه بحق يعني عليا، وهذا مما علمنا بالاضطرار أنه لم يكن، فلزم من ذلك على قول هؤلاء أن تكون الأمة كلها كانت ضالة، بعد نبيها ليس فيها مهتد.
فتكون اليهود ولنصارى بعد النسخ والتبديل خيرا منهم، لأنهم كما قال تعالى: {ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وهم يعدلون} (1) . وقد أخبر النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أن اليهود والنصارى افترقت على أكثرمن سبعين فرقة، فيها واحدة ناجية، وهذه الأمة على موجب ما ذكروه لم يكن فيهم بعد موت النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أمة تقوم بالحق ولا تعدل به، وإذا لم يكن ذلك في خيار قرونهم ففيما بعد ذلك أولى.
فيلزم من ذلك أن يكون اليهود والنصارى بعد النسخ والتبديل خيرا من خير أمة أخرجت للناس، فهذا لازم لما يقوله هؤلاء المفترون، فإذا كان هذا في حكايته لما جرى عقب موت النبي صلى الله تعالى عليه وسلم من اختلاف الأمة، فكيف سائر ما ينقله ويستدل به، ونحن نبين ما في هذه الحكاية من الأكاذيب من وجوه كثيرة، فنقول:
ما ذكره هذا المفتري من قوله: إنه لما عمت البلية على كافة المسلمين بموت النبي صلى الله تعالى عليه وسلم. واختلف الناس بعده، وتعددت آراؤهم بحسب تعدد أهوائهم، فبعضهم طلب الأمر
Bogga 70