آراؤهم، بحسب تعدد أهوائهم، فبعضهم طلب الأمر لنفسه بغير حق، وبايعه أكثر الناس للدنيا، كما اختار عمرو بن سعد ملك الري أياما يسيرة، لما خير بينه وبين قتل الحسين مع علمه، بأن من قتله في النار، واختياره ذلك في شعره حيث يقول:
فوالله ما أدري وإني لصادق ... أفكرفي أمرعلى خطرين
أأترك ملك الري والري منيتي ... أم أصبح مأثوما بقتل حسين
وفي قتله النار التي ليس دونها ... حجاب وملك الري قرة عيني
وبعضهم اشتبه الأمر عليه، ورأى لطالب الدنيا مبايعا، فقلده وبايعه وقصر في نظره، فخفي عليه الحق فاستحق المؤاخذة من الله تعالى بإعطاء الحق لغير مستحقه بسبب إهمال النظر، وبعضهم قلد لقصور فطنته، ورأى الجم الغفير فتابعهم، وتوهم أن الكثرة تستلزم الصواب، وغفل عن قوله تعالى: {وقليل ما هم} (1) {وقليل من عبادي الشكور} (2) وبعضهم طلب الأمر لنفسه بحق له وبايعه الأقلون الذين أعرضوا عن الدنيا وزينتها، ولم يأخذهم في الله لومة لائم بل أخلصوا لله واتبعوا ما أمروا به من طاعة من يستحق التقديم.
وحيث حصل للمسلمين هذه البلية، وجب على كل أحد النظر في الحق واعتماد الإنصاف، وأن يقر الحق مستقره، ولا يظلم مستحقه، فقد قال تعالى: {ألا لعنة الله على الظالمين} (3) وإنما كان مذهب الإمامية واجب الاتباع لوجوه هذا لفظه.
فيقال: إنه قد جعل المسلمين بعد نبيهم أربعة أصناف،، وهذا من أعظم الكذب فإنه لم يكن من في الصحابة المعروفين أحد من هذه الأصناف الأربعة، فضلا عن أن لا يكون فيهم أحد إلا من هذه الأصناف.
إما طالب للأمر بغير حق كأبي بكر في زعمه. وإما طالب للأمر بحق كعلي في زعمه.
وهذا كذب على علي - رضي الله عنه -، وعلى أبي بكر - رضي الله عنه -، فلا علي طلب الأمر لنفسه قبل قتل عثمان، ولا أبو بكر طلب الأمر لنفسه فضلا عن أن يكون طلبه بغير حق.
وجعل القسمين الآخرين إما مقلدا لأجل الدنيا، وإما مقلدا لقصوره في النظر، وذلك أن الإنسان يجب عليه أن يعرف الحق وأن يتبعه، وهو الصراط المستقيم صراط
Bogga 69