تصلح أمورهم إذا لم يكن لهم إمام إلا من لا يعرف، ولا يدري ما يقول، ولا يقدر على شيء من أمور الإمامة، بل هو معدوم.
وأما آباؤه فلم يكن لهم قدرة وسلطان الإمامة، بل كان لأهل العلم والدين منهم إمامة أمثالهم من جنس الحديث، والفتيا ونحو ذلك، لم يكن لهم سلطان لشوكة، فكانوا عاجزين عن الإمامة، سواء كانوا أولى بالولاية أو لم يكونوا أولى.
فبكل حال ما مكنوا ولا ولوا، ولا كان يحصل بهم المطلوب، من الولاية لعدم القدرة والسلطان، ولو أطاعهم المؤمن لم يحصل له بطاعتهم المصالح التي تحصل بطاعة الأئمة من جهاد الأعداء، وإيصال الحقوق إلى مستحقيها، أو بعضهم وإقامة الحدود.
فإن قال القائل: إن الواحد من هؤلاء أو من غيرهم إمام أي ذو سلطان وقدرة، يحصل بهما مقاصد الإمامة، كان هذا مكابر للحس.
ولو كان ذلك كذلك لم يكن هناك متول يزاحمهم، ولا يستبد الأمر دونهم، وهذا لا يقوله أحد. وإن قال أنهم أئمة بمعنى أنهم هم الذين يجب أن يولوا، وأن الناس عصوا بترك توليتهم.
فهذا بمنزلة أن يقال فلان كان يستحق أن يولى القضاء، ولكن لم يول ظلما وعدوانا.
ومن المعلوم أن أهل السنة لا ينازعون في أنه كان بعض أهل الشوكة بعد الخلفاء الأربعة، يولون شخصا وغيره أولى بالولاية منه، وقد كان عمر بن عبد العزيز يختار أن يولي القاسم بن محمد بعده لكنه لم يطق ذلك، لأن أهل الشوكة لم يكونوا موافقين على ذلك. وحينئذ فأهل الشوكة الذين قدموا المرجوح وتركوا الراجح، والذي تولى بقوته وقوة أتباعه ظلما وبغيا، فيكون إثم هذه الولاية على من ترك الواجب مع قدرته على فعله، أو أعان على الظلم.
وأما من لم يظلم ولا أعان ظالما وإنما أعان على البر والتقوى فليس عليه من هذا شيء. ومعلوم أن صالحي المؤمنين لا يعاونون الولاة إلا على البر والتقوى، لا يعاونونهم على الإثم والعدوان.
Bogga 65